فإنْ لم يَكنْ بمَحلِّ الوُجوبِ أو قُربَه مُستحِقٌّ فإنَّها تُنقَلُ كلُّها وُجوبًا لمَحلٍّ فيه مُستحِقٌّ ولو على مَسافةِ القَصرِ، وإنْ كانَ في مَحلِّ الوُجوبِ أو قُربَه مُستحِقٌّ تَعيَّنَ تَفرِقتُها في مَحلِّ الوُجوبِ أو قُربَه.
ولا يَجوزُ نَقلُها مَسافةَ القَصرِ إلا أنْ يَكونَ المَنقولُ إليهم أعدَمَ (أحوَجَ وأفقَرَ) فيَجبُ نَقلُ أكثَرِها لهم، فإنْ نقَلَها كلَّها أو فرَّقَها كلَّها بمَحلِّ الوُجوبِ أجزَأتْ وأثِمَ.
فأمَّا إنْ نقَلَها إلى غيرِ أعدَمَ وأحوَجَ فذلك له صُورتانِ:
الأُولى: أنْ يَنقُلَها إلى مُساوٍ في الحاجةِ لمَن هو في مَوضعِ الوُجوبِ، فهذا لا يَجوزُ، وتُجزِئُ الزَّكاةُ، أي: ليسَ عليه إِعادتُها.
والثانية: أنْ يَنقُلَها إلى مَنْ هو أقَلُّ حاجةً ففيها قَولانِ: ما نَصَّ عليه «خَليلٌ» في «مُختصَرِه» أنَّها لا تُجزِئُ، والثاني: ما نقَلَه ابنُ رُشدٍ و «الكافي» وهو الإِجزاءُ؛ لأنَّها لم تَخرُجْ عن مَصارفِها (١).
وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّه لا يَجوزُ نَقلُ الزَّكاةِ من بَلدٍ إلى بَلدٍ آخَرَ، بل يَنبَغي أنْ يُفرِّقَ الزَّكاةَ في بَلدِ المالِ، فلو نقَلَها إلى بَلدٍ آخَرَ مع وُجودِ المُستحقِّينَ حرُمَ عليه. وهل يُجزِئُه؟ على قولَينِ:
أحَدُهما: لا يُجزِئُه؛ لأنَّه حَقٌّ واجِبٌ لِأصنافِ بَلدٍ، فإذا نُقلَ عنهم إلى غيرِهم لا يُجزِئُه كالوَصيَّةِ بالمالِ لِأصنافِ البَلدِ.