للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكِّل واحِدًا من خَدَمي ليَقبِضَ لكَ زَكاةَ مالي، ثم وكِّلْه بقَضاءِ دَينِك، فإذا قبَضَ الوَكيلُ يَصيرُ المَقبوضُ مِلكًا لمُوكِّلِه وهو المَدينُ، والوَكيلُ بالقَبضِ وَكيلٌ بقَضاءِ دَينِه فيَقضي دَينَه من هذا المالِ بحُكمِ وَكالَتِه (١).

وقد صرَّحَ المالِكيةُ والحَنابِلةُ بأنَّه يَجوزُ إلا إذا كانَ حِيلةً.

قالَ الحَطابُ: ومَحلُّ الجَوازِ إذا لم يُتواطَأْ عليه، وإلا مُنعَ اتِّفاقًا (٢).

وقالَ الإمامُ أحمدُ : إذا أرادَ إِحياءَ مالِه لم يَجزْ، وقالَ أيضًا: إذا كانَ حِيلةً فلا يُعجِبُني.

قالَ القاضِي وغيرُه: يَعني بالحِيلةِ أنْ يُعطيَه بشَرطِ أنْ يَردَّها عليه من دَينِه فلا يُجزِئُه؛ لأنَّ من شَرطِها كَونَها تَمليكًا صَحيحًا، فإذا شرَطَ الرُّجوعَ لم يُوجدْ؛ ولأنَّ الزَّكاةَ حَقُّ اللهِ تعالَى فلا يَجوزُ صَرفُها إلى نَفعِه، وإنْ رَدَّ الغَريمُ من نَفسِه ما قبَضَه وَفاءً عن دَينِه من غيرِ شَرطٍ ولا مُواطأةٍ جازَ لرَبِّ المالِ أخذُه من دَينِه؛ لأنَّه سَببٌ مُتجدِّدٌ كالإرثِ والهِبةِ (٣).

وقد سُئلَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : عن إِسقاطِ الدَّينِ عن المُعسِرِ هل يَجوزُ أنْ يَحسُبَه من الزَّكاةِ؟


(١) «الفتاوى الهندية» (٦/ ٣٩١، ٣٩٢).
(٢) «جواهر الإكليل» (١/ ١٣٨) دار الباز، وانظر: «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (١/ ٤٩٤)، و «المنثور» (٣/ ١٥٨).
(٣) «الإنصاف» (٣/ ٢٥٠)، و «الفروع» (٢/ ٤٦٩)، و «المبدع» (٢/ ٤٣٢)، و «كشاف القناع» (٢/ ٢٨٨)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ١٥٤)، و «المغني مع الشرح الكبير» (٣/ ٤٢٨، ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>