وحيلةُ الجَوازِ عندَ الحَنفيةِ فيما إذا كانَ له دَينٌ على مُعسِرٍ، وأرادَ أنْ يَجعلَه عن زَكاتِه: أنْ يُعطيَ مَدينَه الفَقيرَ زَكاتَه ثم يَأخذَها عن دَينِه، قالَ في الأشباهِ: وهو أفضَلُ من غَيرِه.
وهناك حِيلةٌ أُخرى عندَ الحَنفيةِ فقد جاءَ في «الفَتاوى الهِنديَّة»: رَجلٌ له على فَقيرٍ مالٌ وأرادَ أنْ يَتصدَّقَ بمالِه على غَريمِه ويَحتسِبَ به عن زَكاةِ مالِه فقد عرَفَ من أصلِ أَصحابِنا ﵏ أنَّه لا يَتأدَّى بالدَّينِ زَكاةُ العَينِ ولا زَكاةُ دَينٍ آخَرَ، والحِيلةُ في ذلك أنْ يَتصدَّقَ صاحِبُ المالِ على الغَريمِ بمِثلِ ما عليه من المالِ العَينِ، ناويًا عن زَكاةِ مالِه ويَدفعَه إليه، فإذا قبَضَه الغَريمُ ودفَعَه إلى صاحِبِ المالِ قَضاءً بما عليه من الدَّينِ يَجوزُ.
وذُكرَ في «النَّوادِر» أنَّ مُحمدًا ﵀ سُئلَ عن هذا فأجابَ وقالَ: هذا أفضَلُ من أنْ يَدفعَه إلى غيرِه، ومَشايخُنا المُتقدِّمونَ ﵏ يَستعمِلونَ هذه الحِيلةَ مع غُرمائِهم المَفاليسِ، وكانوا لا يَرَونَ به بأسًا، فإنْ خافَ الطالِبُ أنَّه لو دفَعَ مِقدارَ الدَّينِ إلى الغَريمِ يَمتنِعُ عن قَضاءِ الدَّينِ فلا يَنبَغي له أنْ يَخافَ من ذلك؛ لأنَّه يُمكِنُه أنْ يَمُدَّ يَدَه ويَأخذَ ذلك منه؛ لأنَّه قد ظفِرَ بجِنسِ حَقِّه، فإنْ كانَ الغَريمُ يُدافِعُه ويُمانِعُه يُرفَعُ الأمرُ إلى القاضِي فيَجدُه القاضِي مَليئًا فيُكلِّفُه قَضاءَ الدَّينِ، وحيلةٌ أُخرى أنْ يَقولَ الطالِبُ للمَطلوبِ من الابتِداءِ:
(١) «حاشية ابن عابدين على الدر المختار» (٢/ ٢٧١)، و «الأشباه والنظائر» لابن نجيم (٤٠٧)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٢٦٣، ٢٦٤).