للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْ يُفرِّقَ بينَهم على قَدرِ حاجاتِهم، فإنِ استَوت سوَّى، وإنْ تَفاضَلت فاضَل بحَسبِ الحاجةِ استِحبابًا (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَجبُ التَّسويةُ بينَ الأَصنافِ الثَّمانيةِ، بل يَجوزُ أنْ يُعطيَها لشَخصٍ واحِدٍ دونَ الباقينَ.

استدلُّوا على ذلك بقَولِه تَعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧١] فجعَلَ تَخصيصَ الفُقراءِ بها خَيرًا مَشكورًا فدَلَّ على جَوازِه، وصَرفِ ذلك في حقِّه.

وبقَولِه تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥)[المعارج: ٢٤، ٢٥] فدَلَّ على جَوازِ تَفرُّدِهم به.

وبقَولِ النَّبيِّ لمُعاذٍ لمَّا أرسَلَه إلى اليَمنِ: «أَعلِمهُم أنَّ اللَّهَ افتَرضَ عليهم صَدقةً في أَموالِهم تُؤخذُ من أَغنِيائِهم وتُردُّ على فُقَرائِهم» (٢).

فأخبَرَ أنَّه مَأمورٌ برَدِّ جُملَتِها في الفُقراءِ، وهُم صِنفٌ واحِدٌ ولم يَذكُرْ سِواهُم، ثم أَتاه بعدَ ذلك مالٌ فجعَلَه في صِنفٍ ثانٍ سِوى الفُقراءِ، وهُم المُؤلَّفةُ: الأقرَعُ بنُ حابِسٍ وعُيَينةُ بنُ حِصنٍ وعَلقَمةُ بنُ عُلاثةَ وزَيدُ الخَيلِ، قسَمَ فيهم الذَّهبيَّةَ التي بعَثَ بها إليه علِيٌّ من اليَمنِ، وإنَّما يُؤخَذُ من أهلِ اليَمنِ الصَّدقةُ، ثم أَتاه مالٌ آخَرُ فجعَلَه في صِنفٍ آخَرَ.


(١) «المهذب» (١/ ١٧٣)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٤٧٨)، و «البيان» (٣/ ٤٢٩، ٤٣٠)، و «المجموع شرح المهذب» (٦/ ٢٠٥، ٢٠٧).
(٢) رواه البخاري (١٣٣١)، ومسلم (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>