للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرَجَه من زَكاةٍ مالِه؛ لأنَّه لا يَجوزُ أنْ يَجعلَ نَفسَه مَصرِفًا لزَكاتِه، كما لا يَجوزُ أنْ يَقضيَ بها دَينَه، ومتى أخَذَ الفَرسَ الذي اشتَراه بمالِه صارَ مَصرِفًا لزَكاتِه (١).

وهذا الحُكمُ بالنِّسبةِ للزَّكاةِ، أمَّا إذا احتاجَ المُجاهِدونَ لِلمالِ ولا يُوجَدُ زَكاةٌ أو وُجدَت ولم تَكفِ للجِهادِ وعجَزَ بَيتُ المالِ -كليًّا أو جُزئيًّا- عن القيامِ بهذا الأمرِ لسَدِّ حاجةِ الجِهادِ والمُجاهِدينَ فقد قالَ الإمامُ الشاطِبيُّ : فلِلإمامِ إذا كانَ عَدلًا أنْ يُوظِّفَ على الأَغنياءِ ما يَراه كافِيًا لهم في الحالِ إلى أنْ يَظهرَ مالُ بَيتِ المالِ، ثم إليه النَّظرُ في تَوظيفِ ذلك على الغلَّاتِ والثِّمارِ وغيرِ ذلك، كَيلا يُؤدِّيَ تَخصيصُ الناسِ به إلى إِيحاشِ القُلوبِ، وذلك يَقعُ قَليلًا من كَثيرٍ بحيثُ لا يُجحَفُ بأحَدٍ ويَحصلُ المَقصودُ، وإنَّما لم يُنقلْ مِثلُ هذا عن الأوَّلينَ لِاتِّساعِ مالِ بَيتِ المالِ في زَمانِهم، بخِلافِ زَمانِنا، فإنَّ القَضيَّةَ فيه أَحرى، ووَجهُ المَصلحةِ هنا ظاهِرٌ، فإنَّه لو لم يَفعلِ الإمامُ ذلك النِّظامَ بطَلَت شَوكةُ الإمامِ وصارَت دِيارُنا عُرضةً لِاستِيلاءِ الكُفارِ (٢).

وقالَ الإمامُ السَّرخَسيُّ : والأصَحُّ أنْ نَقولَ لِلإمامِ أنْ يَفعلَ ذلك عندَ الحاجةِ، فإنْ لم يَكنْ في بَيتِ المالِ مالٌ، ومَسَّت الحاجةُ إلى تَجهيزِ


(١) «المغني» (٦/ ٣٣٤)، و «المبدع» (٢/ ٣٢٤)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٤٩٧)، و «المجموع» (٧/ ٣٥١).
(٢) «الاعتصام» (٢/ ١٢١)، ويُنظرُ: «غياث الأمم في التياث الظلم» ص (٣٨٠، ٣٩٤) للإمامِ الجُوينيِّ؛ فإنَّه أوّلُ من قالَ بهذا من الفُقهاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>