للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ عابدِين : وفي «المَبسوط»: لا يَجوزُ دَفعُ الزَّكاةِ إلى مَنْ يَملِكُ نِصابًا إلا إلى طالِبِ العِلمِ والغازِي ومُنقطِعِ الحَجِّ.

ثم قالَ: والمَعنى أنَّ الإِنسانَ يَحتاجُ إلى أشياءَ لا غِنى له عنها، فحينَئذٍ إذا لم يَجزْ له قَبولُ الزَّكاةِ مع عَدمِ اكتِسابِه أنفَقَ ما عندَه ومكَثَ مُحتاجًا، فيَنقطِعُ عن الإفادةِ والاستِفادةِ فيَضعُفُ الدِّينُ لعَدمِ مَنْ يَتحمَّلُه، وهذا الفَرعُ مُخالِفٌ لِإطلاقِهم الحُرمةَ في الغِنى، ولم يَعتمِدْه أحَدٌ. قلتُ: وهو كذلك.

والأوجَهُ تَقييدُه بالفَقيرِ، ويَكونُ طَلبُ العِلمِ مُرخِّصًا لجَوازِ سُؤالِه من الزَّكاةِ وغيرِها، وإنْ كانَ قادِرًا على الكَسبِ إذ بدونِه لا يَحلُّ له السُّؤالُ (١).

وصرَّحَ الحَنفيةُ أنَّه يَجوزُ لطالِبِ العِلمِ أنْ يَسألَ الزَّكاةَ لاشتِغالِه عن الكَسبِ بالعِلمِ، ولِهذا قالُوا: إنَّ نَفقتَه على أَبيه وإنْ كانَ صَحيحًا مُكتسِبًا كما لو كانَ زَمنًا (٢).

وقد صرَّحَ جَماعةٌ من الحَنفيةِ بأنَّ قَولَه تَعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦٠] المُرادُ بهم طَلبةُ العِلمِ.

قالَ ابنُ نَجيمٍ الحَنفيُّ : قَولُه: (ومُنقطِعُ الغَزاةِ) هو المُرادُ بقَولِه تعالَى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦٠] وهو اختِيارٌ منه لقَولِ أبي يُوسفَ وعندَ مُحمدٍ مُنقطِعُ الحاجِّ، وقيلَ: طَلبةُ العِلمِ، واقتَصرَ عليه في «الفَتاوى الظَّهيرية» (٣).


(١) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٣٤٠).
(٢) «البحر الرائق» (٢/ ٢٦٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٣٣٥)، و «درر الحكام» (٢/ ٤١٦).
(٣) «البحر الرائق» (٢/ ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>