للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ عابدِين : قَولُه: (وقيل: طَلبةُ العِلمِ) كذا في الظَّهيريةِ والمَرغينانِيِّ، واستَبعَده السُّروجيُّ بأنَّ الآيةَ نزَلَت وليسَ هناك قَومٌ يُقالُ لهم طَلبةُ عِلمٍ.

قالَ في «الشُّرنبُلاليَّةِ»: واستِبعادُه بَعيدٌ؛ لأنَّ طَلبَ العِلمِ ليسَ إلا استِفادةَ الأَحكامِ، وهل يَبلغُ طالِبٌ رُتبةَ مَنْ لازَمَ صُحبةَ النَّبيِّ لتلَقِّي الأَحكامِ عنه كأَصحابِ الصُّفَّةِ؟ فالتَّفسيرُ بطالِبِ العِلمِ وَجيهٌ، خُصوصًا وقد قالَ في «البَدائِع»: في سَبيلِ اللهِ جَميعُ القُربِ. فيَدخلُ فيه كلُّ مَنْ سَعى في طاعةِ اللهِ وسَبيلِ الخَيراتِ إذا كانَ مُحتاجًا (١).

قالَ البُهوتيُّ والرُّحيبانيُّ: وإنْ تفرَّغَ قادِرٌ على التَّكسُّبِ للعِلمِ الشَّرعيِّ وإنْ لم يَكنْ لَازمًا له وتَعذَّرَ الجَمعُ بينَ العِلمِ والتَّكسُّبِ أُعطيَ من الزَّكاةِ لحاجَتِه ولا يُعطَى مِنْ الزَّكاةِ إنْ تفرَّغَ قادِرٌ على التَّكسُّبِ للعِبادةِ لقُصورِ نَفعِها عليه، بخِلافِ العِلمِ (٢).

وقد سُئلَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميَّةَ عمَّن ليسَ معه ما يَشتَري به كُتبًا للعِلمِ يَشتغِلُ فيها، فقالَ: يَجوزُ أخْذُه منها ما يَحتاجُ إليه مِنْ كُتبِ العِلمِ التي لا بدَّ لمَصلحةِ دِينِه ودُنياه منها.

قالَ البُهوتِيُّ: قلتُ: ولعلَّ ذلك غيرُ خارِجٍ عن الأَصنافِ؛ لأنَّ ذلك من جُملةِ ما يَحتاجُ إليه طالِبُ العِلمِ فهو كنَفقتِه (٣).


(١) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٣٤٣)، و «درر الحكام» (٢/ ٣٩٤).
(٢) «كشاف القناع» (٢/ ٢٧٣) ط: دار الفكر، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ١٣٧).
(٣) «كشاف القناع» (٢/ ٢٧٣) ط: دار الفكر، و «الفروع» (٢/ ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>