١ - ما جاءَ في الحَديثِ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ لقَبيصةَ بنِ المُخارِقِ الذي جاءَ يَسألُه في حَمالةٍ تَحمَّلها:«يا قَبيصَةُ إنَّ المَسأَلةَ لَا تَحلُّ إلا لأَحدِ ثَلاثةٍ: رَجلٌ تَحمَّلَ حَمالَةً فحلَّتْ له المَسأَلةُ حتى يُصِيبَها ثُم يُمسِكُ، ورَجلٌ أَصابَته جائِحةٌ اجْتاحَت مالَه فحلَّتْ له المَسأَلةُ حتى يُصِيبَ قِوامًا من عَيشٍ، أو قالَ سِدادًا من عَيشٍ، ورَجلٌ أَصابَتْه فاقَةٌ حتى يَقومَ ثَلاثةٌ من ذوي الحِجا من قَومِه لقد أَصابَت فُلانًا فاقَةٌ فحلَّتْ له المَسأَلةُ حتى يُصيبَ قِوامًا من عَيشٍ، أو قالَ: سِدادًا من عَيشٍ، فما سِواهُنَّ من المَسأَلةِ يا قَبيصَةُ سُحتًا يَأكلُها صاحِبُها سُحتًا»(١).
٢ - أنَّ الحاجةَ هي الفَقرُ، والغِنى ضِدُّها، فمَن كانَ مُحتاجًا فهو فَقيرٌ يَدخلُ في عُمومِ النَّصِّ، ومَن استَغنى دخَلَ في عُمومِ النُّصوصِ المُحرِّمةِ، والدَّليلُ على أنَّ الفَقرَ هو الحاجةُ قَولُ اللهِ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ﴾ [فاطر: ١٥] أي: مُحتاجونَ إليه، وقالَ الشاعِرُ:«وإنِّي إلى مَعروفِها لفَقيرُ» أي: لَمُحتاجٌ.
وبِناءً على ذلك يَتفرَّعُ أَمرانِ:
أولًا: أنَّ مَنْ كانَ له مالٌ يَكفيه، سَواءٌ أكانَ ذلك من مالٍ زَكويٍّ أو غيرِ زَكويٍّ أو من كَسبِه وعَملِه أو من أُجرةِ عَقاراتٍ أو غيرِ ذلك، فليسَ له الأخذُ من الزَّكاةِ، ويُعتبَرُ وُجودُ الكِفايةِ له ولعائِلتِه، ومَن يَعولُه؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهم مَقصودٌ دَفعُ حاجَتِه، فيُعتبَرُ له ما يُعتبَرُ للمُنفرِدِ.