للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَغنِيائِهم وتُردُّ على فُقرائِهم» (١)، وقالَ: «لَا حظَّ فيها لغَنيٍّ» (٢)؛ ولأنَّ أخْذَ الغَنيِّ منها يَمنعُ وُصولَها إلى أهلِها ويُخلُّ بحِكمةِ وُجوبِها، وهي إِغناءُ الفُقراءِ بها (٣).

ولكنِ اختُلفَ في الغِنَى المانِعِ من أخذِ الزَّكاةِ:

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الأمرَ مُعتبَرٌ بالكِفايةِ، فمَن وجَدَ من الأَثمانِ أو غيرِها ما يَكفيه ويَكفي مَنْ يَمونُه فهو غَنيٌّ، لا تَحلُّ له الزَّكاةُ، وكذلك مَنْ لم يَملِكْ شَيئًا وهو غيرُ مُحتاجٍ.

فإنْ لم يَجدْ ذلك وكانَ مُحتاجًا حلَّت له الصَّدقةُ، ولو كانَ ما عندَه يَبلُغُ نِصابًا، بل نُصبًا زَكويَّةً، وعلى هذا فلا يُمتنَعُ أنْ يُوجَدَ مَنْ تَجبُ عليه الزَّكاةُ وهو مُستحِقٌّ للزَّكاةِ.

قالَ الخَطابي : قال مالِكٌ والشافِعيُّ: لا حَدَّ للغِنى مَعلومًا، وإنَّما يُعتبَرُ حالُ الإِنسانِ بوُسعِه وطاقَتِه، فإذا اكتَفى بما عندَه حُرِّمَت عليه الصَّدقةُ، وإذا احتاجَ حلَّت له.

قالَ الشافِعيُّ: قد يَكونُ الرَّجلُ بالدِّرهمِ غَنيًّا مع كَسبٍ ولا يُغنيه الألفُ مع ضَعفِه في نَفسِه وكَثرةِ عِيالِه (٤).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٦٣٣)، وغيره.
(٣) «المغني» (٣/ ٤٤٦، ٤٤٧).
(٤) «معالم السنن» (٢/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>