للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ في الرِّوايةِ الثانيةِ: لا يَجوزُ؛ لأنَّ النَّصَّ لم يَردْ بتَعجيلِها لِأكثَرَ من حَولٍ (١).

أمَّا الشافِعيةُ، فقالَ الشِّيرازيُّ في «المُهذَّب»: وفي تَعجيلِ زَكاةِ عامَينِ وَجهانِ: قالَ أبو إِسحاقَ: يَجوزُ؛ لِما رُوي عن علِيٍّ كرَّمَ اللهُ وَجهَه: «أنَّ النَّبيَّ تَسلَّفَ من العَباسِ صَدقةَ عامَينِ» (٢)؛ ولأنَّ ما جازَ فيه تَعجيلُ حَقِّ العامِ منه جازَ تَعجيلُ حَقِّ العامَينِ كدِيةِ الخَطأِ.

ومِن أَصحابِنا مَنْ قالَ: لا يَجوزُ؛ لأنَّها زَكاةٌ لم يَنعقِدْ حَولُها، فلم يَجزْ تَقديمُها كالزَّكاة قبلَ أنْ يَملِكَ النِّصابَ (٣).

قال الإمامُ النَّوويُّ : لو عجَّلَ صَدقةَ عامَينِ بعدَ انعِقادِ الحَولِ أو أكثَرَ من عامَينِ فوَجهانِ ذكَرهما المُصنِّفُ بدَليلَيْهما وهما مَشهورانِ.

أحدُهما: يَجوزُ؛ للحَديثِ.

والآخَرُ: لا يَجوزُ، وأَجابَ البَغويُّ والأَصحابُ عن الحَديثِ بأنَّ المُرادَ تَسلَّفَ دُفعتَينِ، في كلِّ دُفعةٍ صَدقةُ عامٍ أو سَنةٍ، واختلَفوا في الأصَحِّ من هذَينِ الوَجهَينِ فصحَّحَت طائِفةٌ الجَوازَ، وهو قَولُ أَبي إِسحاقَ المَروزيِّ، وممَّن صحَّحَه البَندَنيجيُّ والغَزاليُّ في «الوَسيط» والجُرجانِيُّ


(١) «المغني» (٣/ ٤١٣).
(٢) رواه الطبراني في «الكبير» (١٠/ ٧٢)، و «الأوسط» (١/ ٢٩٩)، والدارقطني (٢/ ١٢٤)، والبيهقي في «الكبرى» (٤/ ١١١)، وقال: وفي هذا إرسالٌ بينَ أبي البُختريِّ وعلِيٍّ . وقال الحافظُ في «التلخيص» (٢/ ١٦٢): رجالُه ثِقاتٌ إلا أنَّ فيه انقِطاعًا.
(٣) «المهذب» (١/ ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>