للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ الزَّيلعيُّ: قالَ : (وشَرطُ أَدائِها نيَّةٌ مُقارِنةٌ لِلأداءِ أو لعَزلِ ما وجَبَ أو تَصدَّقَ بكلِّه)، أي: شَرطُ صِحَّةِ أداءِ الزَّكاةِ نيَّةٌ مُقارِنةٌ لِلأداءِ أو لِعزلِ مِقدارِ الواجِبِ أو تَصدَّقَ بجَميعِ النِّصابِ؛ لأنَّها عِبادةٌ فلا تَصحُّ بدونِ النِّيةِ، والأصلُ فيه الاقتِرانُ بالأداءِ كسائِرِ العِباداتِ، إلا أنَّ الدَّفعَ يَتفرَّقُ فيُخرَجُ باستِحضارِ النِّيةِ عندَ كلِّ دَفعٍ، فاكتُفيَ بوُجودِها حالةَ العَزلِ دَفعًا لِلحَرجِ كتَقديمِ النِّيةِ في الصَّومِ، وهذا لأنَّ العَزلَ فِعلٌ منه، فجازَت النِّيةُ عندَه بخِلافِ ما إذا نَوى أنْ يُؤدِّيَ الزَّكاةَ ولم يَعزلْ شَيئًا وجعَلَ يَتصدَّقُ شَيئًا فشَيئًا إلى آخِرِ السَّنةِ، ولم تَحضُرْه النِّيةُ حيثُ لم يُجزِئْه عن الزَّكاةِ؛ لأنَّ نيَّتَه لم تَقتَرنْ بفِعلٍ ما فلا تُعتبَرُ، وقَولُه (أو تَصدَّق بكلِّه)؛ لأنَّه إذا تَصدَّقَ بجَميعِ مالِه فقد دخَلَ الجُزءُ الواجِبُ فيه، فلا حاجةَ إلى التَّعيينِ استِحسانًا؛ لِكَونِ الواجِبِ جُزءًا من النِّصابِ ولا فَرقَ بينَ أنْ يَنويَ النَّفلَ أو لم تَحضُرْه النِّيةُ بخِلافِ صَومِ رَمضانَ؛ حيثُ لا يَكونُ الإِمساكُ مُجزِئًا عنه إلا بنيَّةِ القُربةِ، والفَرقُ أنَّ دَفعَ المالِ بنَفسِه قُربةٌ كيفما كانَ، والإِمساكَ لا يَكونُ قُربةً إلا بالنِّيةِ فافتَرقا، وهذا لأنَّ الرُّكنَ في المَوضعَينِ إِيقاعُه قُربةٌ، وقد حصَلَ بالدَّفعِ نَفسِه إلى الفَقيرِ دونَ الإمساكِ (١).

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : ولو تَصدَّقَ بجَميعِ مالِه على فَقيرٍ ولم يَنوِ الزَّكاةَ أجزَأَه عن الزَّكاةِ استِحسانًا، والقياسُ أنَّه لا يَجوزُ.


(١) «تبيين الحقائق» (١/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>