للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجهُ القياسِ ما ذكَرْنا أنَّ الزَّكاةَ عِبادةٌ مَقصودةٌ فلا بدَّ لها من النِّيةِ.

وَجهُ الاستِحسانِ أنَّ النِّيةَ وُجِدت دِلالةً؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّ مَنْ عليه الزَّكاةُ لا يَتصدَّقُ بجَميعِ مالِه ويَغفُلُ عن نيَّةِ الزَّكاةِ فكانَت النِّيةُ مَوجودةً دِلالةً، وعلى هذا إذا وهَبَ جَميعَ النِّصابِ من الفَقيرِ أو نَوى تَطوُّعًا.

ورُوي عن أَبي يُوسفَ أنَّه إنْ نَوى أنْ يَتصدَّقَ بجَميعِ مالِه فتَصدَّقَ شَيئًا فشَيئًا أَجزأَه عن الزَّكاةِ لِما قُلنا، وإنْ لم يَنوِ أنْ يَتصدَّقَ بجَميعِ مالِه فجعَلَ يَتصدَّقُ حتى أَتى عليه ضمِنَ الزَّكاةَ؛ لأنَّ الزَّكاةَ بَقيَت واجِبةً عليه بعدَما تَصدَّقَ ببَعضِ المالِ فلا تَسقُطُ بالتَّصدُّقِ بالباقي.

ولو تَصدَّق ببَعضِ مالِه من غيرِ نيَّةِ الزَّكاةِ حتى لم يُجزِئْه عن زَكاةِ الكُلِّ فهل يُجزِئُه عن زَكاةِ القَدرِ الذي تَصدَّقَ به؟

قال أبو يُوسفَ: لا يُجزِئُه وعليه أنْ يُزكِّيَ الجَميعَ.

وقالَ مُحمدٌ: يُجزِئُه عن زَكاةِ ما تَصدَّقَ به ويُزكِّي ما بقِيَ حتى إنَّه لو أدَّى خَمسةً من مِئتَينِ لا يَنوي الزَّكاةَ أو نَوى تَطوُّعًا لا تَسقطُ عنه زَكاةُ الخَمسةِ في قَولِ أَبي يُوسفَ وعليه زَكاةُ الكلِّ.

وعندَ مُحمدٍ تَسقطُ عنه زَكاةُ الخَمسةِ وهو ثَمنُ دِرهمٍ، ولا يَسقطُ عنه زَكاةُ الباقي.

وكذا لو أدَّى مِئةً لا يَنوي الزَّكاةَ ونَوى تَطوُّعًا لا تَسقطُ زَكاةُ المِئةِ، وعليه أنْ يُزكِّيَ الكلَّ عندَ أَبي يُوسفَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>