للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كِتابِ «الزِّيادات» لِأبي عاصِم أنَّه لو دفَعَ مالًا إلى وَكيلِه ليُفرِّقَه تَطوُّعًا ثم نَوى به الفَرضَ ثم فرَّقَها الوَكيلُ وقَعَ عن الفَرضِ إذا كانَ القابِضُ مُستحِقًّا (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : ولو تَصدَّقَ الإِنسانُ بجَميعِ مالِه تَطوُّعًا ولم يَنوِ به الزَّكاةَ لم يُجزِئْه، وبهذا قالَ الشافِعيُّ.

وقالَ أَصحابُ أَبي حَنيفةَ: يُجزِئُه استِحبابًا.

ولا يَصِحُّ؛ لأنَّه لم يَنوِ به الفَرضَ فلم يُجزِئْه، كما لو تَصدَّقَ ببَعضِه، وكما لو صلَّى مِئةَ رَكعةٍ ولم يَنوِ الفَرضَ بها (٢).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ من تَصدَّقَ بجَميعِ مالِه سقَطَت الزَّكاةُ، وإنْ لم يَنوِها استِحسانًا؛ لأنَّه لمَّا أدَّى الكُلَّ زالَت المُزاحَمةُ بينَ الجُزءِ المُؤدَّى وسائِرِ الأَجزاءِ، وبأداءِ الكلِّ للهِ تعالَى تَحقَّقَ أداءُ الجُزءِ الواجِبِ؛ ولأنَّ الواجِبَ جُزءُ النِّصابِ. قالَ : «في الرِّقةِ رُبعُ العُشرِ». وقالَ : «في عِشرين مِثقالًا نِصفُ مِثقالٍ» إلى غيرِه من النُّصوصِ، والرُّكنُ هو التَّمليكُ على وَجهِ المَبرةِ، وقد وُجدَ لحُصولِ أداءِ الواجِب قَطعًا؛ لأنَّه لمَّا أدَّى الكلَّ أدَّى الجُزءَ، والنيَّةُ شُرطَت للتَّعيينِ، والواجِبُ قد تَعيَّنَ بإِخراجِ الكلِّ، ولو تَصدَّقَ ببعضٍ سقَطَت زَكاةُ ذلك البَعضِ عندَ مُحمدٍ خِلافًا لِأبي يُوسفَ (٣).


(١) «المجموع» (٦/ ١٧١، ١٧٢)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٦٦).
(٢) «المغني» (٣/ ٤١٧)، و «الكافي» (١/ ٣٢٤).
(٣) «الهداية» (١/ ٩٨)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٢٦٩)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ١٧٠)، و «الاختيار» (١/ ١٠٨) ط: دار الكتب العلمية، و «العناية شرح الهداية» (٣/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>