للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندَ أَبي يُوسفَ ومُحمدٍ إنْ أدَّى مِنْ عَينِها يُؤدِّي خَمسةَ أقفِزةٍ في الزِّيادةِ والنُّقصانِ جَميعًا، كما قالَ أبو حَنيفةَ، وإنْ أدَّى من القيمةِ يُؤدِّي في النُّقصانِ دِرهَمَيْن ونِصفًا وفي الزيادةِ عَشرةَ دَراهمَ؛ لأنَّ الواجِبَ الأصليَّ عندَهما هو رُبعُ عُشرِ العَينِ، وإنَّما له وِلايةُ النَّقلِ إلى القيمةِ يَومَ الأداءِ، فتُعتبَرُ قيمَتُها يَومَ الأداءِ، والصَّحيحُ أنَّ هذا مَذهبُ جَميعِ أَصحابِنا؛ لأنَّ المَذهبَ عندَهم أنَّه إذا هلَكَ النِّصابُ بعدَ الحَولِ تَسقُطُ الزَّكاةُ، سَواءٌ كانَ من السَّوائمِ أو من أَموالِ التِّجارةِ، ولو كانَ الواجِبُ أحدَهما غيرَ عَينٍ عندَ أَبي حَنيفةَ لتَعيَّنت القيمةُ عندَ هَلاكِ العَينِ على ما هو الأصلُ في التَّخييرِ بينَ شَيئَيْن إذا هلَكَ أحدُهما أنَّه يَتعيَّنُ الآخَرُ.

وكذا لو وهَبَ النِّصابَ من الفَقيرِ ولم تَحضُرْه النيَّةُ أصلًا سقَطَت عنه الزَّكاةُ، ولو لم يَكنْ الواجِبُ في النِّصابِ عَينًا لَما سقَطَت، كما إذا وهَبَ منه غيرَ النِّصابِ، وكذا إذا باعَ نِصابَ الزَّكاةِ من السَّوائِمِ والساعِي حاضِرٌ إنْ شاءَ أخَذ من المُشتَري، وإنْ شاءَ أخَذَ من البائِعِ، ولولا أنَّ الواجِبَ رُبعُ عُشرِ العَينِ لَما ملَكَ الأخذَ من غيرِ المُشتَري فدَلَّ أنَّ مَذهبَ جَميعِ أَصحابِنا هذا، وهو أنَّ الواجِبَ رُبعُ عُشرِ العَينِ إلا عندَ أَبي حَنيفةَ، فالواجِبُ عندَ الحَولِ رُبعُ عُشرِ العَينِ من حيثُ إنَّه مالٌ لا من حيثُ إنَّه عَينٌ.

وعندَهما الواجِبُ رُبعُ عُشرِ العَينِ من حيثُ الصُّورةُ والمَعنى جَميعًا لكنْ لمَن عليه حَقُّ النَّقلِ من العَينِ إلى القيمةِ وقتَ الأداءِ (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٤٣٠، ٤٣١)، و «المبسوط» (٣/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>