للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قَولٍ ثالِثٍ عندَ الشافِعيةِ قَديمٍ وضعَّفَه النَّوويُّ أيضًا أنَّه يَجبُ الإِخراجُ من العَرَض نَفْسِه ولا تُجزِئُ القيمةُ (١).

وقد سُئلَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميَّةَ عن تاجِرٍ: هل يَجوزُ أنْ يُخرِجَ من زَكاتِه الواجِبةِ عليه صِنفًا يَحتاجُ إليه؟

فأجاب: الحَمدُ للهِ، إذا أَعطاه دَراهمَ أجزَأَ بلا رَيبٍ.

وأمَّا إذا أَعطاه القيمةَ، ففيه نِزاعٌ: هل يَجوزُ مُطلَقًا أو لا يَجوزُ مُطلَقًا، أو يَجوزُ في بعضِ الصُّورِ لِلحاجةِ أو المَصلحةِ الراجِحةِ؟ على ثَلاثةِ أَقوالٍ في مَذهبِ أحمدَ وغيرِه، وهذا القَولُ أعدَلُ الأَقوالِ.

فإنْ كانَ آخِذُ الزَّكاةِ يُريدُ أنْ يَشتريَ بها كِسوةً، فاشتَرى رَبُّ المالِ له بها كِسوةً وأَعطاه، فقد أحسَنَ إليه، وأمَّا إذا قوَّمَ هو الثِّيابَ التي عندَه وأَعطاه فقد يُقوِّمُها بأكثَرَ من السِّعرِ، وقد يَأخذُ الثِّيابَ مَنْ لا يَحتاجُ إليها، بل يَبيعُها فيُغرَّمُ أُجرةَ المُنادي، وربَّما خسِرَت فيَكونُ في ذلك ضَررٌ على الفُقراءِ.

والأَصنافُ التي يُتَّجرُ فيها يَجوزُ أنْ يُخرَجَ عنها جَميعًا دَراهمُ بالقيمةِ، فإنْ لم يَكنْ عندَه دَراهمُ فأَعطى ثَمنَها بالقيمةِ، فالأظهَرُ أنَّه يَجوزُ؛ لأنَّه واسَى الفُقراءَ، فأَعطاهُم من جِنسِ مالِه (٢).


(١) «المجموع» (٧/ ١٥٠).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ٧٩، ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>