للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في الرِّوايةِ الثانيةِ إلى أنَّه لا تَجبُ في أحَدِ الجِنسَينِ الذَّهبِ والفِضةِ زَكاةٌ حتى يَكتمِلَ وَحدَه نِصابًا حتى لو ملَكَ مِئتَينِ إلا دِرهمًا وعِشرينَ مِثقالًا إلا نِصفًا، أو غَيرَه، فلا زَكاةَ في واحِدٍ منهما؛ لقَولِ النَّبيِّ : «ليسَ فيما دُونَ خَمسةِ أَواقٍ صَدقةٌ» (١)؛ ولأنَّهما مالان يَختلِفُ نِصابُهما، فلا يُضَمُّ أحدُهما إلى الآخَرِ كأَجناسِ الماشيةِ.

ثم إنَّ القائِلينَ بالضَّمِّ اختلَفوا: هل يُضمُّ الذَّهبُ إلى الورِقِ، ويُكمِلُ النِّصابَ بالأَجزاءِ أو بالقيمةِ؟

فذهَبَ مالِكٌ وأبو يُوسفَ ومُحمدٌ وأحمدَ في رِوايةٍ إلى أنَّ الضَّمَّ يَكونُ بالأَجزاءِ، فلو كانَ عندَه خَمسةَ عشَرَ مِثقالًا ذَهبًا وخَمسونَ دِرهمًا فِضةً لوجَبَت الزَّكاةُ؛ لأنَّ الأولَ ثلاثةُ أرباعِ نِصابٍ والآخَرَ ربعُ نِصابٍ، فيَكملُ منها نِصابٌ، وكذا لو كانَ عندَه ثُلثُ نِصابٍ من أحَدِهما، وثُلثانِ من الآخَرِ، ونَحوُ ذلك.

وذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يُضَمُّ أحدُهما إلى الآخَرِ بالتَّقويمِ في أحدِهما بالآخَرِ بما هو أحَظُّ للفُقراءِ، أي: يُضمُّ الأكثَرُ إلى الأقَلِّ.

فلو كانَ عندَه نِصفُ نِصابِ فِضَّةٍ -مِئةُ دِرهمٍ- ورُبعُ نِصابِ ذَهبٍ

-خَمسةُ دَنانيرَ- قيمَتُها مِئةُ دِرهمٍ، فعليه الزَّكاةُ؛ لأنَّ الضَّمَّ للمُجانَسةِ بينَ الذَّهبِ والفِضةِ، وهي تَتحقَّقُ باعتِبارِ القِيمةِ دونَ الصُّورةِ فيُضمُّ بها.


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: تَقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>