للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّيادةَ في السَّوائمِ لا تُعتبَرُ ما لم تَبلُغْ نِصابًا دَفعًا لضَررِ الشَّركةِ؛ إذِ الشَّركةُ في الأَعيانِ عَيبٌ، وهذا المَعنى لم يُوجَدْ ههنا.

ولأبي حَنيفةَ ما رُوي عن رَسولِ اللهِ أنَّه قالَ في كِتابِ عَمرِو بنِ حَزمٍ: «فإذا بلَغَت مئتَينِ ففيها خَمسةُ دَراهِمَ، وفي كلِّ أربَعينَ دِرهمٌ، وليسَ فيما دونَ الأربَعينَ صَدقةٌ» (١).

ورُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ لِمُعاذٍ حين وجَّهَه إلى اليَمنِ: «لا تَأخذْ من الكُسورِ شَيئًا، فإذا كانَ الورِقُ مِئتَيْ دِرهَمٍ فخُذْ منها خَمسةَ دَراهمَ، ولا تَأخذْ مما زادَ شَيئًا حتى يَبلُغَ أربَعينَ دِرهمًا فتَأخذَ منها دِرهمًا» (٢).

ولأنَّ الأصلَ أنْ يَكونَ بعدَ كلِّ نِصابٍ عَفوٌ نَظرًا لأَربابِ الأَموالِ، كما في السَّوائمِ؛ ولأنَّ في اعتِبارِ الكُسورِ حَرجًا وهو مَدفوعٌ.

وحَديثُ علِيٍّ لم يَرفَعْه أحَدٌ من الثِّقاتِ، بل شَكُّوا في قَولِه: «وما زادَ على المِئتَينِ فبحِسابِ ذلك» أنَّ ذلك قَولُ النَّبيِّ أو قَولُ علِيٍّ.

فإنْ كانَ قَولَ النَّبيِّ يَكونُ حُجةً، وإنْ كانَ قَولَ علِيٍّ لا يَكونُ حُجةً؛ لأنَّ المَسألةَ مُختلِفةٌ بينَ الصَّحابةِ ، فلا يُحتَجُّ بقَولِ بعضٍ على بعضٍ، وبه تبيَّنَ أنَّه لا يَصلُحُ مُعارِضًا لِما رَويْنا وما


(١) رواه بهذا اللفظ ابن حزم في «المحلى» (٦/ ١٣) بلفظٍ قريبٍ منه رواه ابن حبان في «صحيحه» (٦٥٥٩).
(٢) حَديثٌ ضَعيفٌ: رواه الدارقطني (١٩٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>