للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذاك أنَّ القَومَ أرادوا أنْ يَتعجَّلوا أخذَ ثِمارِها قبلَ عِلمِ المَساكينِ بها لِيَمنَعوهم الواجِبَ فيها، ألَا تَرى أنَّه تعالَى قالَ: ﴿فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (٢٣) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤)[القلم: ٢٣، ٢٤] فإذا كانَ الوَعيدُ عليه مُستحَقًّا كانَ فِعلُه مُحرَّمًا، وفِعلُ المُحرَّماتِ لا يَمنَعُ حُقوقَ اللهِ تعالَى الواجِباتِ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى عاقَبَهم بذلك لفِرارِهم من الصَّدقةِ؛ لأنَّهم لَمَّا قصَدوا قَصدًا فاسِدًا اقتضَت الحِكمةُ مُعاقَبتَهم بنَقيضِ قَصدِهم.

ولأنَّ إِسقاطَ المالِ كاجتِلابِ المالِ، فلَمَّا كانَ اجتِلابُ المالِ لا يُحمَلُ بوَجهٍ مُحرَّمٍ، مِثلَ أنْ يَقتُلَ مُورِّثًا فلا يَرثَه، كذلك إِسقاطُ المالِ لا يَحصُلُ بوَجهٍ مُحرَّمٍ (١).

لكنَّهم اشتَرطوا شُروطًا لِهذا:

١ - أنْ تَكونَ الحِيلةُ عندَ قُربِ الوُجوبِ، أمَّا لو فعَلَ ذلك عندَ أوَّلِ الحَولِ (٢) أو قبلَ نِهايةِ الحَولِ بشَهرٍ أو شَهرَيْن لم تَجبْ فيه الزَّكاةُ؛ لأنَّ ذلك ليسَ بمَظِنةٍ للفِرارِ حتى لو قامت القَرينةُ على هُروبِه من الزَّكاةِ إذا كانَ أكثَرَ من شَهرٍ عندَ المالِكيةِ (٣).


(١) «المغني» (٢/ ٢٨٥)، و «الحاوي الكبير» (٣/ ١٩٦).
(٢) «كشاف القناع» (٢/ ٣٠٦، ٣٠٧)، و «الفروع» (٢/ ٢٦٤).
(٣) «التاج والإكليل» (١/ ٥٠٥، ٥٠٦)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ١٥٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ١٤)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٣/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>