للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُواساةً، ولم نَعتبِرْ حَقيقةَ النَّماءِ لِكَثرةِ اختِلافِه وعَدمِ ضَبطِه؛ ولأنَّ ما اعتُبِرت مَظِنتُه لم يُلتفَتْ إلى حَقيقتِه، كالحُكمِ مع الأسبابِ؛ ولأنَّ الزَّكاةَ تَتكرَّرُ في هذه الأَموالِ، فلا بدَّ لها مِنْ ضابِطٍ، كي لا يُفضيَ إلى تَعاقُبِ الوُجوبِ في الزَّمنِ الواحِدِ مَراتٍ فيَنفَدَ مالُ المالِكِ (١).

وقالَ في «الكافي»: ولا زَكاةَ في الخَيلِ والبِغالِ والحَميرِ والرَّقيقِ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «ليسَ على المُسلِمِ في عبدِه ولا فَرسِه صَدقةٌ» مُتفَقٌ عليه؛ ولأنَّه لا يُطلَبُ دَرُّها، ولا تُقتَنى في الغالِبِ إلا لِلزِّينةِ، والاستِعمالِ، لا لِلنَّماءِ، ولا زَكاةَ في الوُحوشِ لذلك، وعنه في بَقرِ الوَحشِ الزَّكاةُ لدُخولِها في اسمِ البَقرِ، والأولُ أَولى؛ لأنَّها لا تَدخُلُ في إطلاقِ اسمِ البَقرِ ولا تَجوزُ التَّضحيةُ بها، ولا تُقتَنى لِنَماءٍ ولا دَرٍّ، فأشبَهت الظِّباءَ.

وما تولَّد بينَ الوَحشيِّ والأهليِّ، فقالَ أَصحابنا: فيه الزَّكاة تغليبًا لِلإيجابِ، والأَوْلى ألَّا تَجبَ؛ لأنَّها لا تُقتَنى لِلنَّماءِ والدَّرِّ، أشبَهت الوَحشيةَ؛ ولأنَّها لا تَدخُلُ في إِطلاقِ اسمِ البَقرِ والغَنمِ (٢).

قال الإمامُ ابنُ قُدامةَ : فإنْ كانَ مُباحًا كحِليةِ النِّساءِ المُعتادةِ من الذَّهبِ والفِضةِ، وخاتَمِ الرَّجلِ من الفِضةِ وحِليةِ سَيفِه وحَمائِلِه ومِنطَقتِه وجَوشَنِه وخَوذَتِه وخُفِّه ورانِه من الفِضةِ وكان مُعدًّا لِلتِّجارةِ


(١) «المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني» (٢/ ٢٥٧).
(٢) «الكافي في فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل» (١/ ٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>