للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو نَفقةٍ أو كِراءِ بَيتٍ؛ ففيه الزَّكاةُ؛ لأنَّه مُعدٌّ لِلنَّماءِ، فهو كالمَضروبِ، وإنْ أُعدَّ لِلُّبسِ والعاريةِ فلا زَكاةَ فيه؛ لِما رَوى جابِرٌ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «ليس في الحُليِّ زَكاةٌ»؛ ولأنَّه مَصروفٌ عن جِهةِ النَّماءِ إلى استِعمالِ مُباحٍ فلم تَجبْ فيه زَكاتُه كثِيابِ البِذلةِ.

وحَكى ابنُ أَبي مُوسى عنه أنَّ فيه الزَّكاةَ لعُمومِ الأَخبارِ (١).

قال ابنُ قُدامةَ : والفَرقُ بينَ ما اعتُبِر له الحَولُ وما لم يُعتبَرْ له، أنَّ ما اعتُبِر له الحَولُ مُرصَدٌ لِلنَّماءِ، فالماشيةُ مُرصَدةٌ للدَّرِّ والنَّسلِ، وعُروضُ التِّجارةِ مُرصَدةٌ لِلرِّبحِ، وكذا الأَثمانُ، فاعتُبِر له الحَولُ؛ فإنَّه مَظِنةُ النَّماءِ؛ ليَكونَ إِخراجُ الزَّكاةِ من الرِّبحِ؛ فإنَّه أسهَلُ وأيسَرُ؛ ولأنَّ الزَّكاةَ إنَّما وجَبَت مُواساةً، ولم نَعتبِرْ حَقيقةَ النَّماءِ لِكَثرةِ اختِلافِه، وعَدمِ ضَبطِه؛ ولأنَّ ما اعتُبِرت مَظِنتُه لم يُلتفَتْ إلى حَقيقتِه، كالحُكمِ مع الأسبابِ؛ ولأنَّ الزَّكاةَ تَتكرَّرُ في هذه الأَموالِ، فلا بدَّ لها من ضابِطٍ، كي لا يُفضيَ إلى تَعاقُبِ الوُجوبِ في الزَّمنِ الواحِدِ مَرَّاتٍ، فيَنفَدَ مالُ المالِكِ.

أمَّا الزُّروعُ والثِّمارُ، فهي نَماءٌ في نَفسِها، تَتكامَلُ عندَ إِخراجِ الزَّكاةِ منها، فتُؤخَذُ الزَّكاةُ منها حينَئذٍ، ثم تَعودُ في النَّقصِ لا في النَّماءِ؛ فلا تَجبُ فيها زَكاةٌ ثانيةٌ؛ لعَدمِ إِرصادِها لِلنَّماءِ، والخارِجُ من المَعدِنِ مُستفادٌ خارجٌ من الأرضِ، بمَنزلةِ الزَّرعِ والثَّمرِ، إلا أنَّه إنْ كانَ من جِنسِ الأَثمانِ، ففيه


(١) «الكافي في فقه الإمام أحمد» (١/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>