للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّكاةُ في عَينِه كالعُروضِ، ثم قد ثبَتَ أنَّ ما لا تَجبُ في عَينِه الزَّكاةُ إذا قُصدَ به الثَّمنُ وطَلبُ الفَضلِ وجَبَت الزَّكاةُ فيه، فوجَبَ أنْ تَكونَ ما في عَينِه الزَّكاةُ إذا عُدلَ به عن طَلبِ النَّماءِ يُؤثِّرُ ذلك في سُقوطِ الزَّكاةِ عنه، ولا تَحتاجُ أنْ تَقولَ على وَجهٍ مُباحٍ؛ لأنَّ التأثيرَ إذا ثبَتَ لم يَبقَ إلا ما نَقولُه، وهذا يُمكِنُ أنْ يُستدَلَّ به على أنَّه من قياسِ العَكسِ، ويُمكِنُ أنْ يَكونَ استِدلالًا مُبتدأً (١).

وجعَلَ الإمامُ الباجيُّ عَدمَ التَّمكُّنِ من تَنميةِ المالِ مانِعًا لِلزَّكاةِ كما المَغصوبِ، فقالَ في تَفسيرِه لمَعنى الزَّكاةِ:

«ويَحتمِلُ وَجهًا آخَرَ وهو أنَّ إِخراجَ هذا الحَقِّ إنَّما يَجبُ في الأَموالِ المُعرَّضةِ لِلنَّماءِ، ولذلك لا يَجبُ في المُقتَنى لِما لم يَكنْ مُعرَّضًا لِلتَّنميةِ، ولذلك سقَطَت الزَّكاةُ في العَينِ إذا مُنعَ صاحِبُه من تَنميَتِه بالغَصبِ، فلمَّا كانَ مُختصًّا بالأَموالِ التي تُنمَّى قيلَ له واسِ من نَمائِه، وأخرِجْ زَكاةَ مالِكَ، بمَعنى أنَّه يُخرِجُ من نَمائِه» (٢).

وذكَرَ الإمامُ الخِرشيُّ أنَّ المانِعَ من وُجودِ الزَّكاةِ في القَرضِ هو عَدمُ نَمائِه، فقالَ: المَشهورُ أنَّ الدَّينَ النَّقدَ إذا كانَ غيرَ مَرجُوٍّ فإنَّه لا يُزكِّيه، وهو كالعَدمِ، وكذلك على المَشهورِ إذا كانَ قَرضًا لعَدمِ النَّماءِ فيه؛ لأنَّه خارِجٌ عن حُكمِ التِّجارةِ، ويُزكِّيه لِعامٍ واحِدٍ بعدَ قَبضِه ما لم يُؤخِّرْ قَبضَه فِرارًا من الزَّكاةِ كما مَرَّ في زَكاةِ الدَّينِ، ولَفظُ المُدوَّنةِ: ومَن حالَ الحَولُ


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٢/ ١٦٢، ١٦٣).
(٢) «المنتقى شرح الموطأ» (٢/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>