للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَيوانِ في الكَلأِ المُباحِ)؛ لأنَّ الإسامةَ سَببٌ لحُصولِ الدَّرِّ (اللَّبنِ) والنَّسلِ والسِّمَنِ، والتِّجارةَ سَببٌ لِحُصولِ الرِّبحِ؛ فيُقامُ السَّببُ مَقامَ المُسبَّبِ ويَتعلَّقُ الحُكمُ به، كالسَّفرِ مع المَشقَّةِ، والنِّكاحِ مع الوَطءِ، والنَّومِ مع الحَدثِ ونَحوِ ذلك (١).

وبهذا الشَّرطِ خرَجَت الثِّيابُ التي لا تُرادُ لِلتِّجارةِ، سَواءٌ كانَ صاحِبُها مُحتاجًا إليها أو لا، وأثاثُ المَنزِلِ، والحَوانيتُ والعَقاراتُ -دُورُ السُّكنى- والكُتبُ لِأهلِها، أو غيرِ أهلِها، وآلاتُ المُحتَرفينَ، وخرَجَت الأَنعامُ التي لم تُعَدَّ لِلدَّرِّ والنَّسلِ، بل كانَت مُعدَّةً لِلحَرثِ أو الرُّكوبِ أو اللَّحمِ (٢).

وقد ذكَرَ الإمامُ الكاسانِيُّ الحَنفيُّ شَرائطَ وُجوبِ الزَّكاةِ ثم قالَ: ومنها -أي: مِنْ شَرائطِ الوُجوبِ- كَونُ المالِ ناميًا؛ لأنَّ معنى الزَّكاةِ -وهو النَّماءُ- لا يَحصُلُ إلا من المالِ النامي، ولَسنا نَعني به حَقيقةَ النَّماءِ؛ لأنَّ ذلك غيرُ مُعتبَرٍ، وإنَّما نَعني به كَونَ المالِ مُعدًّا لِلاستِنماءِ بالتِّجارةِ أو بالإسامةِ؛ لأنَّ الإسامةَ سَببٌ لحُصولِ الدَّرِّ والنَّسلِ والسِّمنِ، والتِّجارةَ سَببٌ لحُصولِ الرِّبحِ، فيُقامُ السَّببُ مَقامَ المُسبَّبِ ويَتعلَّقُ الحُكمُ به، كالسَّفرِ مع المَشقَّةِ والنِّكاحِ مع الوَطءِ، والنَّومِ مع الحَدثِ، ونَحوِ ذلك، وإنْ شِئتَ قُلتَ: ومنها كَونُ المالِ فاضِلًا على الحاجةِ الأصليَّةِ؛ لأنَّ به يَتحقَّقُ الغِنى ومَعنى النِّعمةِ، وهو التَّنعُّمُ، وبه يَحصلُ الأداءُ عن طِيبِ


(١) «بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع» (٢/ ١١).
(٢) «بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع» (٢/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>