للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أبو حَنيفةَ: لا تَجبُ عليها الزَّكاةُ ما لم تَقبِضْه؛ لأنَّه بَدلٌ عمَّا ليسَ بمالٍ فلا تَجبُ الزَّكاةُ فيه قبلَ قَبضِه كدَينِ الكِتابةِ.

ولنا: أنَّه دَينٌ يَستحِقُّ قَبضَه ويُجبَرُ على أَدائِه، فوجَبَت فيه الزَّكاةُ، كثَمنِ المَبيعِ يُفارِقُ دَينَ الكِتابةِ، فإنَّه لا يَستحِقُّ قَبضَه، وللمُكاتَبِ الامتِناعُ مِنْ أَدائِه، ولا يَصحُّ قياسُهم عليه، فإنَّه عِوضٌ عن مالٍ.

فَصلٌ: فإنْ قبَضَت صَداقَها قبلَ الدُّخولِ ومَضى عليه حَولٌ فزَكَّته ثم طَلَّقها الزَّوجُ قبلَ الدُّخولِ رجَعَ فيها بنِصفِه، وكانَت الزَّكاةُ من النِّصفِ الباقي لها.

وقالَ الشافِعيُّ في أحَدِ أَقوالِه: يَرجعُ الزَّوجُ بنِصفِ المَوجودِ ونِصفِ قيمةِ المُخرَجِ؛ لأنَّه لو تلِفَ كلُّه رجَعَ عليها بنِصفِ قيمَتِه، فكذلك إذا تلِفَ بعضُه.

ولنا: قَولُ اللهِ تعالَى: ﴿فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧]؛ ولأنَّه يُمكِنُه الرُّجوعُ في العَينِ، فلم يَكنْ له الرُّجوعُ إلى القيمةِ، كما لو لم يَتلَفْ منه شَيءٌ ويَخرُجُ على هذا ما لو تلِفَ كلُّه فإنَّه ما أمكَنَه الرُّجوعُ في العَينِ.

وإنْ طلَّقَها بعدَ الحَولِ وقبلَ الإِخراجِ لم يَكنْ له الإِخراجُ من النِّصابِ؛ لأنَّ حَقَّ الزَّوجِ تعلَّق به على وَجهِ الشَّركةِ والزَّكاةَ لم تَتعلَّقْ به على وَجهِ الشَّركةِ، لكنْ تَخرُجُ الزَّكاةُ من غيرِه أو يَقسِمانه ثم تُخرَجُ الزَّكاةُ مِنْ حِصَّتِها، فإنْ طلَّقَها قبلَ الحَولِ ملَك النِّصفَ مَشاعًا، وكان حُكمُ ذلك كما لو باعَ نِصفَه قبلَ الحَولِ مَشاعًا، وقد بيَّنا حُكمَه.

فَصلٌ: فإنْ كانَ الصَّداقُ دَينًا فأبرَأتِ الزَّوجَ منه بعدَ مُضيِّ الحَولِ ففيه رِوايَتان:

<<  <  ج: ص:  >  >>