للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: والمَرأةُ إذا قبَضَت صَداقَها زَكَّته لِما مَضى.

وجُملةُ ذلك أنَّ الصَّداقَ في الذِّمةِ دَينٌ لِلمرأةِ حُكمُه حُكمُ الدُّيونِ على ما مَضى إنْ كانَ على مَليءٍ به، فالزَّكاةُ واجِبةٌ فيه إذا قبَضَته أدَّت لِما مَضى، وإنْ كانَ على مُعسِرٍ أو جاحِدٍ فعلى الرِّوايتَينِ، واختارَ الخِرقيُّ وُجوبَ الزَّكاةِ فيه، ولا فَرقَ بينَ ما قبلَ الدُّخولِ أو بعدَه؛ لأنَّه دَينٌ في الذِّمةِ، فهو كثَمنِ مَبيعِها، فإنْ سقَطَ نِصفُه بطَلاقِها قبلَ الدُّخولِ وأخَذَت النِّصفَ فعليها زَكاةُ ما قبَضَته دونَ ما لم تَقبِضْه؛ لأنَّه دَينٌ لم تُعوَّضْ عنه، ولم تَقبِضْه فأشبَهَ ما تَعذَّر قَبضُه لفَلسٍ أو جَحدٍ، وكذلك لو سقَطَ كلُّ الصَّداقِ قبلَ قَبضِه لانفِساخِ النِّكاحِ بأمرٍ مِنْ جِهَتِها فليسَ عليه زَكاتُه لِما ذكَرْنا، وكذلك القَولُ في كلِّ دَينٍ يَسقطُ قبلَ قَبضِه من غيرِ إِسقاطِ صاحِبِه، أو يئِسَ صاحِبُه من استِيفائِه، والمالِ الضالِّ إذا يئِسَ منه فلا زَكاةَ على صاحِبِه؛ فإنَّ الزَّكاةَ مُواساةٌ؛ فلا تَلزَمُ المُواساةُ إلا مما حصَلَ له.

وإنْ كانَ الصَّداقُ نِصابًا فحالَ عليه الحَولُ ثم سقَطَ نِصفُه وقبَضَت النِّصفُ فعليها زَكاةُ النِّصفِ المَقبوضِ؛ لأنَّ الزَّكاةَ وجَبَت فيه ثم سقَطَت من نِصفِه لمَعنًى اختُصَّ به فاختُصَّ السُّقوطُ به.

وإنْ مَضى عليه حَولٌ قبلَ قَبضِه ثم قبَضَتْه كلَّه زَكَّته لذلك الحَولِ، وإن مضَت عليه أحوالٌ قبلَ قَبضِه ثم قبَضَته زَكَّته لِما مَضى كلَّه ما لم يَنقُصْ عنه النِّصابُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>