والآخَرُ: كَونُها مالًا ضائِعًا، ثم المُلتقِطُ مَدينٌ بالقيمةِ فإنْ لم يَملِكْ غَيرَها ففي وُجوبِ الزَّكاةِ عليه الخِلافُ الذي سنَذكُرُه إنْ شاءَ اللهُ تَعالى، أنَّ الدَّينِ هل يَمنَعُ وُجوبَ الزَّكاةِ أو لا، وإنْ ملَكَ غَيرَها شَيئًا يَفي بالزَّكاةِ فوَجهانِ مَشهورانِ، الصَّحيحُ باتِّفاقِ الأَصحابِ وُجوبُ الزَّكاةِ إذا مَضى عليه حَولٌ من حينِ ملَكَ اللُّقطةَ؛ لأنَّه مِلكٌ مَضى عليه حَولٌ في يَدِ مالِكِه، والثاني: لا تَجبُ لِضَعفِه لتَوقُّعِ مَجيءِ المالِكِ، قالَ أَصحابُنا: هما مَبنيَّانِ على أنَّ المالِكَ إذا ظفِرَ باللُّقطةِ بعدَ أنْ تَملَّكَها المُلتقِطُ هل له الرُّجوعُ في عَينِها أو ليسَ له إلا القِيمةُ، فيه وَجهانِ مَشهورانِ؟ فإنْ قُلنا: يَرجعُ في عَينِها فمِلكُ المُلتقِطِ ضَعيفٌ لعَدمِ استِقرارِه، فلا زَكاةَ، وإلا وجَبَت، أمَّا إذا قُلنا: لا يَملِكُ المُلتقِطُ إلا بالتَّصرُّفِ فلم يَتصرَّفْ كما إذا لم يَتملَّكْ، وقُلنا: لا يَملِكُ إلا به، واللهُ أعلمُ (١).
وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: تَجبُ الزَّكاةُ في دَينٍ على غيرِ مَليءٍ، وهو المُعسِرُ، ودَينٍ على مُماطِلٍ، وفي دَينٍ مُؤجَّلٍ، وفي مَجحودٍ ببَينةٍ، أو لا لصِحَّةِ الحَوالةِ به، والإبراءِ منه، فيُزكِّي ذلك إذا قبَضَه لِما مَضى من السِّنينَ، رَواه أبو عُبيدةَ عن علِيٍّ وابنِ عَباسٍ للعُمومِ كسائِرِ مالِه.
وتَجبُ الزَّكاةُ أيضًا في مَغصوبٍ في جَميعِ الحَولِ أو في بَعضِه بيَدِ الغاصِبِ أو مَنْ انتَقلَ إليه من الغاصِبِ وكذا لو كانَ تالِفًا؛ لأنَّه مالٌ يَجوزُ
(١) «المجموع شرح المهذب» (٥/ ٣٣٩، ٣٤٣)، و «الحاوي الكبير» (٣/ ٣١٤)، و «البيان» (٣/ ٢٩١، ٢٩٢).