للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الباجيُّ: ومما يبيِّن ما قالَه مالِكٌ أنَّه لو كانَ له مالٌ غائِبٌ عنه في بَلدٍ نازحٍ وحال عليه الحَولُ فإنَّه لا يُكلَّفُ أداءَ الزَّكاةِ عنه مما بيَدِه؛ لأنَّه لا يَدري هل يَصلُ إليه أو لا؟ وإنْ كانَ في يَدِ وَكيلٍ أو مُبضِعٍ معه ويَدُه كيَدِه لَكانَ من ضَمانِه فبألَّا يُكلَّفَ أنْ يُخرِجَ ما بيَدِه من مالِه عن مالٍ هو بيَدِ غيرِه أو في ضَمانِه أَوْلى وأحرى (١).

ولأنَّ المالَ الذي لم يَقبِضْه صاحِبُه لا يَكونُ قادرًا على تَنميتِه، والزَّكاةُ إنَّما شُرعَت في الأَموالِ التي تَنمو (٢).

الشَّرطُ الثالِثُ: أنْ يَكونَ الدَّينُ الذي قبَضَه عَينًا -ذَهبًا أو فِضةً- لا عَرضًا، فإذا كانَ عَرضًا لا يُزكِّيه إلا بعدَ بَيعِه.

ووَجهُ ذلك أنَّ الزَّكاةَ المُتعلِّقةَ بالعَينِ إنَّما تَجري في المالِ على ما هو عليه يَومَ وُجوبِ الزَّكاةِ، وإنَّما تَجبُ الزَّكاةُ في الدَّينِ يَومَ قَبضِه، فإذا كانَ ذَهبًا فحُكمُه حُكمُ الذَّهبِ، وإنْ كانَ ورِقًا فحُكمُه حُكمُ الورِقِ ولو أخَذَ به عَرضًا لم يُزَكِّه إلا على حُكمِ العَرضِ.

الشَّرطُ الرابِعُ: أنْ يَكونَ ما قبَضَه نِصابًا كامِلًا فإنْ قبَضَه على دُفعاتٍ وكانَت كلٌّ منها أقَلَّ من النِّصابِ، يُزكِّيه عندَ تَمامِ النِّصابِ، وإنْ كانَ ما قبَضَه أقَلَّ من نِصابٍ لكنْ كُمِّلَ من فائِدةٍ تم حَولُها عندَ قَبضِ الدَّينِ تَجبُ عليه الزَّكاةُ، كأنْ قبَضَ مئةَ دِرهَمٍ من الدَّينِ، وكان عندَه مِئةٌ أُخرى قد حالَ عليها الحَولُ فإنَّه تَجبُ عليه الزَّكاةُ.


(١) «المنتقى» (٢/ ١٠٠).
(٢) «شرح الزرقاني» (٢/ ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>