للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودَليلُ هذا الشَّرطِ أنَّه لا يُزكِّي إذا قبَضَ أقَلَّ من النِّصابِ لجَوازِ ألَّا يَقبِضَ من دَينِه غَيرَه فنَكونَ قد أوجَبنا عليه الزَّكاةَ في أقَلَّ من النِّصابِ.

فإنْ كانَ عندَه مالُ غيرِه قد حالَ عليه الحَولُ فزَكَّاه أو لم يُزكِّه بأنْ قد بلَغَ النِّصابَ أو كانَ أقَلَّ من النِّصابِ، وإذا أُضيفَ إلى ما قُبضَ من دَينِه فبلَغا النِّصابَ زكَّى ما قبَضَ من دَينِه؛ لأنَّه قد وجَدَ فيه سَببَ الحَولِ، وهو مُستنِدٌ إلى مالٍ قد حالَ عليه الحَولُ وبلَغَ النِّصابَ أو بلَغَ ما قبَضَ من الدَّينِ النِّصابَ فيَكونُ ما قبَضَ من دَينِه بمَنزِلةِ فائِدةٍ حالَ عليها الحَولُ، ثم قبَضَ الدَّينَ (١).

قال الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : كلُّ مَنْ كانَ له دَينٌ من قَرضٍ اقتَرضَه وأخرَجَه عَينًا من يَدِه أو من ثَمنِ سِلعةٍ كانَت عندَه لِلتِّجارةِ وهو غيرُ مُديرٍ، فباعَها بدَينٍ فلا زَكاةَ عليه فيه حتى يَقبِضَه، فإذا قبَضَه زَكَّاه لِحَولٍ واحِدٍ وسَواءٌ أَقامَ حَولًا أو أحوالًا عندَ الذي هو عليه، وليسَ عليه أنْ يُخرِجَ زَكاتَه من غيرِه، وأحَبُّ إلَيَّ إنْ كانَ على مَليءٍ أنْ يُزكِّيَه لِحَولِه، ولا يَجبُ ذلك عليه عندَ مالِكٍ، قادرًا كانَ على أخذِه أو غيرَ قادِرٍ حتى يَقبِضَه، والذي أَقولُ به: إنْ كانَ على مَليءٍ قد حَلَّ أجَلُه فتَرَكه ولم يَقبِضْه فعليه زَكاتُه، فإنْ كانَ وَديعةً وهو يَقدِرُ على أخذِه ففيه الزَّكاةُ، فإنْ ترَكَه على هذه الحالِ سِنينَ ثم قبَضَه زَكَّاه لِما مَضى من الأَعوامِ (٢).


(١) «المنتقى» (٢/ ١٠٠)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ١٩١، ١٩٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٥٩، ٦٣)، و «الشرح الصغير مع حاشية الصاوي» (٣/ ١٥٦، ١٥٧)، وكتابي: «الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالِكيَّة» (١/ ٣٧٦، ٣٧٧).
(٢) «الكافي» (٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>