للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي عليه غَيرُه من الدَّينِ أنَّه إذا كانَ قادرًا على أخذِه فهو كالوَديعةِ يُزكِّيه لكلِّ عامٍ؛ لأنَّ تَركَه له وهو قادِرٌ على أخذِه كتَركِه له في بَيتِه، وما لم يَكنْ قادرًا على أخذِه فقد مَضى في هذا البابِ ما لِلعُلماءِ في ذلك، والاحتياطُ في هذا أَوْلى واللهُ المُوفِّقُ لِلصَّوابِ وهو حَسبي ونِعمَ الوَكيلُ (١).

والمالِكيةُ وَضعوا أربَعةَ شُروطٍ لِزَكاتِه لِعامٍ واحِدٍ، وهي:

الشَّرطُ الأولُ: أنْ يَكونَ أصلُ الدَّينِ عَينًا بيَدِ المالِكِ أو بيَدِ وَكيلِه ثم أسلَفَه للمَدينِ قَرضًا أو عُروضَ تِجارةٍ كانَت بيَدِه ثم باعَها بثَمنٍ لأجَلٍ مَعلومٍ.

أمَّا إنْ كانَ أصلُ الدَّينِ عَطيَّةً بيَدِ مُعطيها كالهِبةِ أو الصَّداقِ بيَدِ الزَّوجِ أو الخُلعِ بيَدِ الزَّوجةِ فلا زَكاةَ فيه إلا بعدَ مُرورِ حَولٍ من قَبضِه.

الشَّرطُ الثاني: أنْ يَقبِضَ الدَّينَ من المَدينِ: فإذا لم يَقبِضِ الدَّينَ منه فلا زَكاةَ عليه، قالَ مالِكٌ: الأمرُ الذي لا اختلافَ فيه عندَنا في الدَّينِ أنَّ صاحبَه لا يُزكِّيه حتى يَقبِضَه، وإنْ أقامَ عندَ الذي هو عليه سِنينَ ذواتَ عَددٍ ثم قبَضَه صاحِبُه لم تَجبْ عليه إلا زَكاةٌ واحِدةٌ (٢).

وممَّا يُؤيِّدُ ذلك أنَّ الدَّينَ ربَّما هلَكَ ولا يَدري صاحِبُه هل يَقتَضيه أو لا؟ فلا يُكلَّفُ أداءَ الزَّكاةِ عنه من مالِه، فربَّما هلَكَ قبلَ أنْ يَقبِضَه فيُؤدِّي الزَّكاةَ عما لم يَصرْ إليه.


(١) «الاستذكار» (٣/ ١٦٢).
(٢) «الموطأ» (١/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>