للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


(١) أمَّا القَويُّ فهو الذي وجَب بَدلًا عن مالِ التِّجارةِ كثمَنِ عَرضِ التِّجارةِ من ثيابِ التِّجارةِ وعَبيدِ التِّجارةِ أو غَلَّةِ مالِ التِّجارةِ، ولا خِلافَ في وُجوبِ الزَّكاةِ فيه إلا أنَّه لا يُخاطَبُ بأداءِ شَيءٍ من زَكاةِ ما مَضى ما لم يَقبِضْ أربَعين دِرهمًا، فكلَّما قبَض أربَعين دِرهمًا أدَّى دِرهَمًا واحِدًا، وعندَ أبي يُوسُفَ ومُحمدٍ كلَّما قبَض شَيئًا يُؤدِّي زَكاتَه، قَلَّ المَقبوضُ أو كَثُر.
وأمَّا الدَّينُ الضَّعيفُ فهو الذي وجَب له بَدلًا عن شَيءٍ سَواءٌ وجَب له بغَيرِ صُنعِه كالمِيراثِ أو بصُنعِه كالوَصيَّةِ، أو وجَب بَدلًا عما ليس بمالٍ كالمَهرِ، وبَدلِ الخُلعِ والصُّلحِ عن القِصاصِ وبَدلِ الكِتابةِ، ولا زَكاةَ فيه ما لم يُقبَضْ كلُّه ويَحُلْ عليه الحَولُ بعدَ القَبضِ.
وأمَّا الدَّينُ الوَسطُ فما وجَب له بَدلًا عن مالٍ ليس لِلتِّجارةِ كثَمنِ عَبدِ الخِدمةِ وثَمنِ ثيابِ البِذلةِ والمِهنةِ، وفيه رِوايتان عنه، ذكَر في الأصلِ أنَّه تَجِبُ فيه الزَّكاةُ قبلَ القَبضِ لكنْ لا يُخاطَبُ بالأداءِ ما لم يَقبِضْ مِئتَيْ دِرهمٍ، فإذا قبَض مِئتَيْ دِرهَمٍ زَكَّى لِما مَضى، ورَوى ابنُ سَماعةَ عن أبي يُوسُفَ عن أبي حَنيفةَ أنَّه لا زَكاةَ فيه حتى يَقبِضَ المِئتَيْن ويَحولَ عليه الحَولُ من وَقتِ القَبضِ وهو أصحُّ الرِّوايتَيْن عنه.
وقال أبو يُوسُفَ ومُحمدٌ: الدُّيونُ كلُّها سَواءٌ، وكلُّها قَويَّةٌ تَجِبُ الزَّكاةُ فيها قبلَ القَبضِ إلا الدِّيةَ على العاقِلةِ، ومالَ الكِتابةِ فإنَّه لا تَجِبُ الزَّكاةُ فيها أصلًا ما لم تُقبَضْ ويَحُلْ عليها الحَولُ.
وَجهُ قَولِهما أنَّ ما سِوى بَدلِ الكِتابةِ والدِّيةِ على العاقِلةِ مِلكُ صاحِبِ الدَّينِ مِلكًا مُطلَقًا رَقبةً ويَدًا لِتَمكُّنِه من القَبضِ بقَبضِ بَدَلِه وهو العَينُ فتَجِبُ فيه الزَّكاةُ كسائِرِ الأعيانِ المَملوكةِ مِلكًا مُطلَقًا إلا أنَّه لا يُخاطَبُ بالأداءِ لِلحالِ؛ لأنَّه ليس في يَدِه حَقيقةً فإذا حصَل في يَدِه يُخاطَبُ بأداءِ الزَّكاةِ قَدرَ المَقبوضِ كما هو مَذهبُهما في العَينِ فيما زاد على النِّصابِ بخِلافِ الدِّيةِ وبَدلِ الكِتابةِ؛ لأنَّ ذلك ليس بمِلكٍ مُطلَقٍ، بل هو مِلكٌ ناقِصٌ على ما بَيَّنَّا واللهُ أعلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>