للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: وإذا حصَلَ في يَدِ بعضِ أهلِ الوَقفِ خَمسةُ أوسُقٍ ففيه الزَّكاةُ، وإذا صارَ الوَقفُ لِلمَساكينِ فلا زَكاةَ فيه.

وجُملةُ ذلك أنَّ الوَقفَ إذا كانَ شَجرًا فأثمَرَ أو أرضًا فزُرِعت، وكان الوَقفُ على قَومٍ بأَعيانِهم فحصَل لِبعضِهم من الثَّمرةِ أو الحَبِّ نِصابٌ ففيه الزَّكاةُ، وبهذا قالَ مالِكٌ والشافِعيُّ، ورُوي عن طاوُسٍ ومَكحولٍ: لا زَكاةَ فيه؛ لأنَّ الأرضَ ليسَت مَملوكةً له، فلم تَجبْ عليهم زَكاةٌ في الخارجِ منها كالمَساكينِ.

ولنا: أنَّه استغَلَّ من أرضِه أو شَجرِه نِصابًا فلزِمَته زَكاتُه، كغَيرِ الوَقفِ يُحقِّقُه أنَّ الوَقفَ الأصلُ، والثَّمرةَ طَلقٌ، والمِلكَ فيها تامٌّ له التَّصرُّفُ فيها بجَميعِ التَّصرُّفاتِ، وتُورَثُ عنه فتَجبُ فيها الزَّكاةُ كالحاصِلةِ من أرضٍ مُستأجَرةٍ له، وقَولُهم: إنَّ الأرضَ غيرُ مَملوكةٍ له مَمنوعٌ، وإنْ سَلَّمنا ذلك فهو مالِكٌ لمَنفعتِها، ويَكفي ذلك في وُجوبِ الزَّكاةِ، بدَليلِ الأرضِ المُستأجَرةِ.

أمَّا المَساكينُ فلا زَكاةَ عليهم فيما يَحصُلُ في أَيديهم، سَواءٌ حصَلَ في يَدِ بعضِهم نِصابٌ من الحُبوبِ والثِّمارِ أو لم يَحصُلْ، ولا زَكاةَ عليهم قبلَ تَفريقِها، وإنْ بلَغَت نِصابًا؛ لأنَّ الوَقفَ على المَساكينِ لا يَتعيَّنُ لواحِدٍ منهم، بدَليلِ أنَّ كلَّ واحِدٍ منهم يَجوزُ حِرمانُه والدَّفعُ إلى غيرِه، وإنَّما ثبَتَ المِلكُ فيه بالدَّفعِ والقَبضِ لِما أُعطِيَه من غلَّتِه مِلكًا مُستأنَفًا، فلم تَجبْ عليه فيه زَكاةٌ، كالذي يَدفَعُ إليه من الزَّكاةِ، وكما لو وهَبَه أو اشتَراه.

<<  <  ج: ص:  >  >>