للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الكاسانِيُّ : لا سَبيلَ إلى الإيجابِ على الصَّبيِّ؛ لأنَّه مَرفوعٌ عنه القَلمُ بالحَديثِ؛ ولأنَّ إِيجابَ الزَّكاةِ إِيجابُ الفِعلِ على العاجِزِ عن الفِعلِ، وهو تَكليفُ ما ليسَ في الوُسعِ، ولا سَبيلَ إلى الإِيجابِ على الوَليِّ ليُؤدِّيَ من مالِ الصَّبيِّ؛ لأنَّ الوَليَّ مَنهيٌّ عن قُربانِ مالِه إلا على وَجهِ الأحسَنِ مع أنَّ اسمَ الصَّدقةِ يُطلَقُ على النَّفقةِ، قالَ : «نَفقةُ الرَّجلِ على نَفسِه صَدقَةٌ، وعلَى عِيالِه صَدقَةٌ» (١)، وفي الحَديثِ ما يَدلُّ عليه أيِّ حَديثٍ: «ابتَغُوا في أَموالِ اليَتامَى حتى لَا تَأكُلَها الصَّدقَةُ»؛ لأنَّه أَضافَ الأكلَ إلى جَميعِ المالِ، والنَّفقةَ هي التي تَأكلُ الجَميعَ لا الزَّكاةُ، أو تُحمَلُ الصَّدقةُ والزَّكاةُ على صَدقةِ الفِطرِ؛ لأنَّها تُسمَّى زَكاةً (٢).

وقالوا: الزَّكاةُ عِبادةٌ مَحضةٌ كالصَّلاةِ، والعِبادةُ تَحتاجُ إلى نيَّةٍ، والصَّبيُّ والمَجنونُ لا تَتحقَّقُ منهما النِّيةُ، فلا تَجبُ عليهما العِبادةُ، ولا يُخاطَبانِ بها، وقد سقَطَت الصَّلاةُ عنهما لِفقدانِ النِّيةِ، فوجَبَ أنْ تَسقُطَ الزَّكاةُ بالعِلةِ نَفسِها (٣).

قال السَّرخسيُّ : وإذا ثبَتَ أنَّه عِبادةٌ فلا بدَّ فيه من نيَّةٍ وعَزيمةٍ ممن هي عليه عندَ الأَداءِ، ووِلايةُ الوَليِّ على الصَّبيِّ تَثبُتُ من غيرِ اختِيارِه


(١) رواه ابن ماجه (٢١٣٨) عن المِقدامِ بن مَعد يكَرب الزُّبَيديِّ عن رَسولِ اللَّهِ قال: «ما كسبَ الرَّجلُ كَسبًا أَطيبَ من عَملِ يَدِه وما أنفقَ الرَّجلُ على نَفسِه وأَهلِه وولَدِه وخَادمِه فَهو صَدقةٌ» وصحَّحه الألبانِيُّ في «صَحيحِ ابن ماجه» (١٧٣٩).
(٢) «البدائع» (٢/ ٣٨٨)، و «المبسوط» (٢/ ١٦٣).
(٣) «رد المختار» (٢/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>