للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ بعضُ المالِكيةِ: إنَّما يُؤمَرُ الوَليُّ بإِخراجِ الزَّكاةِ عن الصَّبيِّ إذا أمِنَ أنْ يُتعقَّبَ فِعلُه، وجُعلَ له ذلك، وإلا فلا … وإذا أَخرَجها أشهَدَ عليها، فإنْ لم يُشهِدْ فقد قالَ ابنُ حَبيبٍ: إنْ كانَ مَأمونًا صُدِّق (١).

وإذا خشِيَ الوَليُّ أنْ يُطالِبَه الصَّبيُّ بعدَ البُلوغِ، أو المَجنونُ بعدَ الإفاقةِ، بغَرامةِ ما دفَعَ من مالِهما بِناءً على مَذهبِ أبي حَنيفةَ ومَنْ وافَقه، فيَنبَغي -كما اقتَرحَ بعضُ المالِكيةِ- أنْ يُرفَعَ الأمرُ لِقاضٍ يَرى وُجوبَ الزَّكاةِ في مالِهما، حتى يَحكُمَ له بلُزومِ الزَّكاةِ لهما، فلا يَستطيعُ قاضٍ بذلك أنْ يَنقُضَ هذا الحُكمَ؛ لأنَّ الحُكمَ الأولَ رفَعَ الخِلافَ (٢).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الزَّكاةَ لا تَجبُ في مالِ الصَّبيِّ والمَجنونِ إلا أنَّه يَجبُ العُشرُ في زُروعِهما وثِمارِهما وزَكاةِ الفِطرِ عنهما.

واستدلُّوا على ذلك بقَولِ النَّبيِّ : «رُفعَ القَلمُ عَنْ ثَلاثةٍ: عَنْ النَّائمِ حَتى يَستَيقِظَ، وعَن الصَّبيِّ حَتى يَحتَلمَ، وعَن المَجنونِ حَتى يُفِيقَ» (٣)، ورَفعُ القَلمِ كِنايةٌ عن سُقوطِ التَّكليفِ؛ إذِ التَّكليفُ لمَن يَفهَمُ خِطابَ الشارِعِ، والصِّغَرُ والجُنونُ حائِلٌ دونَ ذلك.


(١) «شرح الرسالة» لابن ناجي (١/ ٤٢٨).
(٢) «بلغة السالك» (١/ ٣٨٠)، وانظر: «الذخيرة» (٢/ ٤٢١)، و «الإفصاح» (١/ ٣٠٤)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٣٩)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٢٩٢)، و «مختصر اختلافيات البيهقي» (٢/ ٤٣٨)، و «التحقيق» (٣١٤)، و «الإنصاف» (٣/ ٤)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٤٥٥).
(٣) حَديثٌ صَحيحٌ: تَقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>