للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ المُبارَكِ: مَعنى «نَقبُرَ فيهن مَوتانا»: يَعني الصَّلاةَ على الجنازةِ (١).

وقالَ الشافِعيُّ وأحمدُ في رِوايةٍ: تَجوزُ الصَّلاةُ في كلِّ الأَوقاتِ، ولا تُكرهُ في أَوقاتِ النَّهيِ؛ لأنَّها صَلاةٌ ذاتُ سَببٍ.

قال النَّوويُّ: قالَ أَصحابُنا: لكنْ يُكرهُ أنْ يَتحرَّى صَلاتَها في هذه الأَوقاتِ، بخِلافِ ما إذا حصَلَ ذلك اتِّفاقًا (٢).

أمَّا الإمامُ مالِكٌ فقالَ في رِوايةِ ابنِ القاسِمِ عنه: لا بأسَ بالصَّلاةِ على الجَنائِزِ بعدَ العَصرِ ما لَم تَصفَرَّ الشَّمسُ، فإذا اصفَرَّت لَم يُصلَّ عليها إلا أنْ يَكونَ يَخافُ تَغيُّرَها، فإنْ خِيفَ ذلك صُلِّيَ عليها.

قال: ولا بأسَ بالصَّلاةِ على الجَنائزِ بعدَ الصُّبحِ ما لَم يُسفِرْ، فإذا أسفَرَ فلا تُصلُّوا إلا أنْ يَخافوا عليها.


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٥٣)، و «البحر الرائق» (١/ ٢٦٢)، و «المبسوط» (٢/ ٦٨)، و «عمدة القاري» (١/ ١٢٤)، و «الأوسط» (٥/ ٣٩٥)، و «المغني» (٣/ ٣١٥)، و «كشاف القناع» (٢/ ١٢٨)، و «التحقيق» (٢/ ١٣).
(٢) «المجموع» (٦/ ٢٧٥)، و «روضة الطالبين» (٢/ ١٤٣)، وقال في «شرح مسلم» (١/ ١١٤): قال بَعضُهم إنَّ المُرادَ بالقَبرِ صَلاةُ الجَنازةِ، وهذا ضَعيفٌ؛ لأنَّ صَلاةَ الجَنازةِ لا تُكرهُ في هذا الوَقتِ بالإجماعِ، فلا يَجوزُ تَفسيرُ الحَديثِ بما يُخالِفُ الإجماعَ، بل الصَّوابُ أنَّ مَعناه تَعمُّدُ تَأخيرِ الدَّفنِ إلى هذه الأوقاتِ، كما يُكرهُ تَعمُّدُ تأخيرِ العَصرِ إلى اصفِرارِ الشَّمسِ بلا عُذرٍ، فأمَّا إذا وقَع الدَّفنُ في هذه الأوقاتِ بلا تَعمُّدٍ فلا يُكرهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>