للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَقِّ بهما، وثُبوتِه فيهما، والحَوالةُ مِنْ التَّحوُّلِ، فتَقتَضي تَحوُّلَ الحَقِّ مِنْ مَحلِّه إلى ذِمةِ المُحالِ عليه.

قَولُهم: إنَّ الدِّينَ الواحِدَ لا يَحُلُّ في مَحلَّينِ، قُلنا: يَجوزُ تَعلُّقُه في مَحلَّينِ على سَبيلِ الاستِيثاقِ، كتَعلُّقِ دَينِ الرَّهنِ به وبذمَّةِ الراهِنِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ حَزمٍ بعدَما ساقَ حَديثَ ضَمانِ أَبي قَتادةَ: وفيه أنَّ الدَّينَ يَسقطُ بالضَّمانِ جُملةً؛ لأنَّه لو لم يَسقُطْ عن الميِّتِ، ويَنتقِلْ إلى ذِمةِ أَبي قَتادةَ لَمَا كانَت الحالةُ إلا واحِدةً، وامتِناعُه مِنْ الصَّلاةِ عليه قبلَ ضَمانِ أَبي قَتادةَ لِدَينِه، ثم صَلاتُه عليه بعدَ ضَمانِ أَبي قَتادةَ بُرهانٌ صَحيحٌ على أنَّ الحالةَ الثانيةَ غيرُ الحالةِ الأُولى، وأنَّ الدَّينَ الذي لا يُتركُ له وَفاءٌ قد بطَلَ، وسقَطَ بضَمانِ الضامِنِ، بقَولِ أَبي قَتادةَ الذي أقَرَّه عليه النَّبيُّ على دَينِه، فصَحَّ الدَّينُ على الضامِنِ بعدُ، لا على المَضمونِ عنه.

ثم قالَ بعدَ ذلك: فإنْ قيلَ: فما مَعنى قَولِ النَّبيِّ إذا قَضاهما: «الآنَ برَدَتْ عليه جِلْدُه»، قُلنا: هذا لا مُتعلِّقَ فيه في بَقاءِ الدَّينِ على الميِّتِ، ولا في رُجوعِه عليه؛ لأنَّ نَصَّ الخبَرِ ورَدَ فيه بعَينِه: «إنَّ الميِّتَ قد برِئَ مِنْ الدَّينِ وإنَّ حَقَّ الغَريمِ على الزَّعيمِ»، فلا مَعنى للزِّيادةِ في هذا، أمَّا قَولُه : «الآنَ برَدَتْ عليه جِلْدُه»، فقد أصابَ ما أرادَ، وقولُه: «الحَقُّ» لا نَشكُّ فيه، ولكنْ نَقولُ: إنَّه قد يَكونُ تَبريدًا زائدًا


(١) «المغني» (٦/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>