للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخَلَ عليه حين القَضاءِ عنه، وإنْ كانَ لَم يَكنْ قبلَ ذلك في حَرٍّ، كما تَقولُ: لقد سرَّني فِعلُك، وإنْ لَم تَكنْ قبلَ ذلك في هَمٍّ ولا حَزنٍ، وكما لو تَصدَّقَ عن الميِّتِ بصَدقةٍ، لَكانَ قد دخَلَ عليه بها رَوحٌ زائِدٌ ولا بدَّ، وإنْ لَم يَكنْ قبلَ ذلك في كَربٍ ولا غَمٍّ.

ويُمكِنُ أنْ يَكونَ قد كانَ في مَطْلٍ، وهو غَنيٌّ، فحَصَل له الظُّلمُ، ثم غفَرَ اللهُ له ذلك الظُّلمَ بالقَضاءِ، واللهُ أعلَمُ، إلا أنَّهم لا مُتعلِّقَ لهم بهذا أصلًا (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : أمَّا الحَيُّ فلا يُبرأُ بالضَّمانِ رِوايةً واحِدةً، وأمَّا الميِّتُ ففي بَراءَتِه بمُجرَّدِ الضَّمانِ رِوايَتانِ.

إحداهُما: يُبرأُ بمُجرَّدِ الضَّمانِ، نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايةِ يُوسفَ بنِ مُوسى، كما ذكَرْنا مِنْ الخبَريْن؛ ولأنَّ فائِدةَ الضَّمانِ في حَقِّه تَبرئةُ ذِمةٍ، فيَنبَغي أنْ تَحصُلَ هذه الفائِدةُ، بخِلافِ الحَيِّ؛ فإنَّ المَقصودَ في حَقِّه الاستيثاقُ بالحَقِّ، وثُبوتُه في الذِّمتَينِ آكَدُ في الاستيثاقِ بالحَقِّ (٢).

وقالَ الإمامُ الخَطابيُّ فيه -أي: في حَديثِ أَبي قَتادةَ-: إنَّ ضَمانَ الدَّينِ عن الميِّتِ يُبرئُه إذا كانَ مَعلومًا، سَواءٌ خلَّفَ الميِّتُ وَفاءً أو لَم يُخلِّفْ؛ وذلك أنَّه إنَّما امتنَعَ مِنْ الصَّلاةِ لِارتِهانِ ذِمتِه بالدَّينِ، فلو لَم يُبرأْ بضَمانِ أَبي قَتادةَ لَما صلَّى عليه، والعِلةُ المانِعةُ قائِمةٌ (٣).


(١) «المحلى» (٨/ ٢٥٤، ٢٥٥).
(٢) «المغني» (٦/ ٣٢٨).
(٣) انظر: «عمدة القاري» (١٢/ ١١٣)، و «الفتاوى الفقهية الكبرى» (٣/ ٧٢) للهيتمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>