للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميِّتِ، وفيه أنَّ النَّبيَّ قابَلَ أبا قَتادةَ وقالَ له: «ما فعَلَ الدِّينارانِ؟»، فقالَ: إنَّما ماتَ أَمسِ. قالَ فعادَ إليه مِنْ الغَدِ فقالَ: قد قضَيتُهما. فقالَ رَسولُ اللَّهِ : «الآنَ بَردَتْ عليه جِلْدُه» (١).

قال الإمامُ الطَّحاويُّ : ففي هذا الحَديثِ دَليلٌ على أنَّ الكَفالةَ به لَم تُبرِئِ الذي هو عليه منه بوُجوبِه على الكَفيلِ؛ لأنَّ النَّبيَّ أخبَرَ في هذا الحَديثِ أنَّ جِلدَ المَيِّتِ إنَّما يَبردُ بأداءِ كَفيلِه الدَّينَ الذي كفَلَ به عنه، لا بكَفالةِ ربِّه عنه (٢).

وقد عَنونَ لِهذا الحَديثِ المَجدُ ابنُ تَيميَّةَ في «المُنتَقى» بقَولِه: «بابُ أنَّ المَضمونَ عنه إنَّما يُبرأُ بأداءِ الضامِنِ، لا بمُجرَّدِ ضَمانِه».

قال الإمامُ الشَّوكانيُّ في شَرحِه لِهذا الحَديثِ: وفيه دَليلٌ على أنَّ خُلوصَ المَيِّتِ مِنْ وَرطةِ الدَّينِ وبَراءةَ ذمَّتِه على الحَقيقةِ، ورَفعَ العَذابِ عنه إنَّما يَكونُ بالقَضاءِ عنه، لا بمُجرَّدِ التَّحمُّلِ بالدَّينِ بلَفظِ الضَّمانةِ (٣).


(١) حَديثٌ حَسنٌ: رواه الإمام أحمد في «المسند» (٣/ ٣٣٠)، والطياليسى (١٦٧٣)، والطحاوي في «المشكل» (١٠/ ٣٣٤)، والحاكم في «المستدرك» (٢٣٤٦)، والدارقطني (٣/ ٧٩) في البيوع، والبيهقي في «الكبرى» (٦/ ٧٤)، وفي إثبات عذاب القبر (١١٨) مِنْ طُرقٍ عن عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ عَقيلٍ عن جابِرٍ به، وعَبدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ عَقيلٍ حَسنُ الحَديثِ، وقال الحاكِمُ: صَحيحُ الإسنادِ، ووافَقه الذَّهبيُّ، وحسَّنَه المُنذِريُّ (٣/ ٣٩)، وقال الهَيثَميُّ في «المَجمَعِ» (٣/ ٣٩): رَواه أحمدُ والبَزَّارُ وإسنادُه حَسنٌ.
(٢) «مشكل الآثار» (١٠/ ٣٣٥) ط. الرسالة.
(٣) «نيل الأوطار» (٥/ ٣٥٩) تحت حديث (١٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>