للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو غيرِه أنْ يَتكفَّلَ به عنه، كما فعَلَ أبو قَتادةَ لمَّا أُتِيَ النَّبيُّ بجنازةٍ فلَم يُصلِّ عليها، قالَ أبو قَتادةَ: «صَلِّ علَيها يا رَسولَ اللَّهِ وعلَيَّ دَينُه»، فصلَّى عليه (١).

والكَفالةُ بِدَينِ الميِّتِ قالَ بصِحَّتِها أكثَرُ الأئِمَّةِ خِلافًا لِأبي حَنيفةَ؛ فإنَّه قالَ: لا تَصحُّ الكَفالةُ على ميِّتٍ مُفلِسٍ، كما سيَأتي بَيانُه في بابِ الكَفالةِ إنْ شاءَ اللهُ .

ويَجدُرُ بنا هنا أنْ نَذكُرَ مَسألةً مُهمةً، ألَا وهي: هل تُبرأُ ذمَّةُ الميِّتِ مِنْ الدَّينِ المَضمونِ عنه بالضَّمانِ نَفسِه أو بمُجرَّدِه، أو لا؟ للعُلماءِ في ذلك قَولانِ (٢):

القَولُ الأولُ: لا يَنتقِلُ الحَقُّ عن ذمَّةِ المَيِّتِ إلا بأدائِه كالحَيِّ، لا بمُجرَّدِ الضَّمانِ، وهو قَولُ أَبي حَنيفةَ ومالِكٍ والشافِعيِّ وأحمدَ في رِوايةٍ.

القَولُ الثاني: يَنتقِلُ الحَقُّ عنه بمُجرَّدِ الضَّمانِ، وهو القَولُ الثاني لِلإمامِ أحمدَ وابنِ حَزمٍ -رحمهما الله-.

أدلَّةُ القَولَينِ:

استدَلَّ جُمهورُ أهلِ العِلمِ -وهُم أَصحابُ القَولِ الأولِ- بما يلي:

بقَولِه في حَديثِ جابِرٍ في قِصةِ تَحمُّلِ أَبي قَتادةَ الدَّينَ عن


(١) انظُر في ذلك كتابَنا: «الجامع لأحكام الكفالة والضمانات على المذاهب الأربعة» (١/ ١٥١، ١٥٦).
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>