لم يَجرِ فيه الخِلافُ أبَدًا، وما كانَ دَليلُها ظَنيًّا ثُبوتًا ودِلالةً، أو ظَنيًّا في أحدِهما، جَرى فيها الخِلافُ، وهو مَقبولٌ من صاحِبِه أَصابَ فيه أو أَخطأَ، ما دامَ صادِرًا عن أهلِ العِلمِ والاجتِهادِ في المَسألةِ.
ويَقولُ: اقتَضَت حِكمةُ اللهِ تَعالى في شَرعِه أنْ يَكونَ كَثيرٌ من نُصوصِ القُرآنِ والسُّنةِ مُحتمِلةً لأكثَرَ من مَعنًى واحِدٍ، إذ أُنْزِلَ القُرآنُ الكَريمُ بلِسانٍ عَربيٍّ مُبينٍ، واحتِمالُ الأَلفاظِ في اللُّغةِ العَربيةِ أمرٌ مُسلَّمٌ به، وهو ما تَمتازُ به لُغتُنا عن اللُّغاتِ الأُخرَى، كما اقتَضَت حِكمتُه في خَلقِه أنْ يَجعلَهم مُتفاوِتينَ في عُقولِهم ومَدارِكِهم ليَكونَ مَيدانُ التَّفاضلِ والتَّمايزِ بالعِلمِ والعَقلِ.
ولا يَشكُّ عاقِلٌ في أنَّ هذَين الأَصلَينِ إنَّما يُؤدِّيانِ إلى نَتيجةٍ حَتميةٍ بَدَهيةٍ وهي الاختِلافُ في الآراءِ والأَحكامِ، فهي طِبقًا للمُعادلةِ: