للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوضوعٌ عن القَومِ أرجو. قُلتُ: فمَن أخَذَ بقَولٍ من الأَقاويلِ فهو أيضًا مَوضوعٌ عنه؟ قالَ: نَعَمْ، إلا أنْ يَكونَ رَجلٌ اختارَ قَولًا حَتمًا ثم نزَلَ به شَيءٌ فتَحوَّلَ منه إلى غيرِه تَرخُّصًا للشَّيءِ الذي نزَلَ به.

وحَكى أبو إِبراهيمَ المُزنِيُّ أنَّ هذا مَذهبُ مالِكِ بنِ أنَسٍ واللَّيثِ ابنِ سَعدٍ.

واحتَجَّ من نصَرَ القَولَ الأولَ -أنَّ كلَّ مُجتهدٍ مُصيبٌ- بأنَّ الصَّحابةَ اجتَهَدوا واختَلَفوا وأقَرَّ بعضُهم بعضًا على قَولِه وسوَّغَ له أنْ يَعملَ به، وإنْ كانَ مُخالِفًا لقَولِه ولمُؤدَّى اجتِهادِه، وسوَّغوا للعامةِ أنْ يُقلِّدوا مَنْ شاؤُوا منهم.

حتى قالَ القاسِمُ بنُ مُحمدِ بنِ أَبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ: كانَ اختِلافُ أَصحابِ رَسولِ اللهِ مما نفَعَ اللهُ به، فما عمِلتَ منه مِنْ عَملٍ لم يَدخلْ نَفسَك منه شَيءٌ.

وقالَ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ : ما يَسرُّني أنَّ أَصحابَ مُحمدٍ لم يَختلِفوا … وعن أُبيٍّ عن قَتادةَ أنَّ عُمرَ بنَ عبدِ العَزيزِ كانَ يَقولُ: ما سرَّني لو أنَّ أَصحابَ مُحمدٍ لم يَختلِفوا لأنَّهم لو لم يَختلِفوا لم يَكُنْ رُخصةً.

وعن عَونِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ قالَ: قالَ لي عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ: ما يَسرُّني باختِلافِ أَصحابِ مُحمدٍ حُمرُ النَّعمِ لأنَّا إنْ أخَذنا بقَولِ هؤلاء أصَبْنا، وإنْ أخَذنا بقَولِ هؤلاء أصَبْنا.

قالوا: ولا يَجوزُ أنْ يُجمِعوا على إِقرارِ المُخطئِ على خَطئِه، والرِّضا بالعَملِ به، والإذنِ في تَقليدِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>