قالَ: وهو الصَّحيحُ عندِي، والذي ذكَرْناه هو الذي حَكاهُ ابنُ اللَّبانِ عن اللُّؤلؤِيِّ فقالَ: لو ماتَت امرَأةُ المَفقودِ قبلَ تَمامِ مائةٍ وعِشرينَ سَنةً بيومٍ أو بعدَ فَقدِه بيومٍ وتمَّت مائةٌ وعِشرونَ سَنةً لَم تُورَّثْ منه شيئًا ولَم نُورِّثْه منها لأنَّنا لا نَعلَمُ أيَّهما ماتَ أولًا، وهذا قِياسُ قولِ مَنْ قالَ في الغَرقَى: إنَّه لا يُورَّثُ أحدُهم من صاحبِه ويَرثُ كلَّ واحدٍ الأَحياءُ مِنْ وَرثتِه.
قالَ القاضِي: هذا قِياسُ قولِ أحمدَ، واتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه لا يَرثُ المَفقودَ إلا الأَحياءُ مِنْ وَرثتِه يومَ قُسمَ مالُه لا مَنْ ماتَ قبلَ ذلك ولَو بيومٍ.
واختلَفوا فيمن ماتَ وفي وَرثتِه مَفقودٌ؛ فمَذهبُ أحمدَ وأَكثرِ الفُقهاءِ على أنَّه يُعطَى كلُّ وارثٍ مِنْ وَرثتِه اليَقينَ ويُوقَفُ الباقِي حتى يَتبَينَ أمرُه أو تَمضِيَ مُدةُ الانتِظارِ فتَعملُ المَسأَلةُ على أنَّه حيٌّ ثم على أنَّه مَيتٌ، وتَضرِبُ إِحداهُما في الأُخرَى إنْ تَبايَنَتا أو في وَفقِهما إنِ اتَّفقَتا، وتَجتَزئُ إِحداهُما إنْ تَماثَلتا أو بأَكثرِهما إن تَناسَبَتا وتُعطِي كلَّ واحدٍ أقلَّ النَّصيبَينِ، ومَن لا يَرثُ إلا مِنْ أَحدِهما لا تُعطِيه شيئًا، وتَقفُ الباقِي، ولهم أنْ يَصطَلحوا على ما زادَ على نَصيبِ المَفقودِ واختارَه ابنُ اللَّبانِ؛ لأنَّه لا يَخرُجُ عنهم وأنكَرَ ذلك الونِّيُ وقالَ: لا فائِدةَ في أنْ يُنقَصَ بعضُ الوَرثةِ عما يَستحِقُّه في مَسأَلةِ الحَياةِ وهي مُنتَفيةٌ، ثم يُقالُ له: لك أنْ تُصالِحَ على بعضِه، بلْ إنْ جازَ ذلك فالأَولَى أن نَقسِمَ المَسأَلةَ على تَقديرِ الحَياةِ ونَقفَ نَصيبَ المَفقودِ لا غيرَ، والأولُ أَصحُّ إنْ شاءَ اللهُ؛ فإنَّ الزائدَ عن نَصيبِ المَفقودِ مِنْ المَوقوفِ مَشكوكٌ في مُستَحقِّه ويَقينُ الحَياةِ مُعارضٌ بظُهورِ المَوتِ، فيَنبغِي أن