يُوقفَ كالزائدِ عن اليَقينِ في مَسائلِ الحَملِ والاستِهلالِ، ويَجوزُ للوَرثةِ المَوجودِينَ الصُّلحُ عليه؛ لأنَّه حقُّهم لا يَخرجُ عنُهم، وإِباحةُ الصُّلحِ عليه لا تَمنعُ وُجوبَ وَقفِه كما تقَدمَ في نَظائرِه، ووُجوبُ وَقفِه لا يَمنعُ الصُّلحَ عليه لذلك، ولأنَّ تَجويزَ أَخذِ الإِنسانِ حقَّ غيرِه برِضاهُ وصُلحَه لا يَلزَمُ منه جَوازُ أَخذِه بغيرِ إذنِه، وظاهرُ قولِ الونِّيِّ هذا أنْ تُقسَمَ المَسأَلةُ على أنَّه حيٌّ ويُقفَ نَصيبُه لا غيرَ.
وقالَ بعضُ أَصحابِ الشافِعيِّ ﵁: يُقسَمُ المالُ على المَوجودِينَ؛ لأنَّهم مُتحقَقونَ، والمَفقودُ مَشكوكٌ فيه فلا يُورَّثُ معَ الشكِّ.
وقالَ مُحمدُ بنُ الحَسنِ: القولُ قولُ مَنْ المالُ في يدِه؛ فلو ماتَ رَجلٌ وخلَّفَ ابنَتَيه وابنَ ابنٍ أَبوه مَفقودٌ، والمالُ في يدِ الابنَتينِ فاختَصَموا إلى القاضِي، فإنَّه لا يَنبَغي للقاضِي أنْ يُحوِّلَ المالَ عن مَوضعِه، ولا يَقفُ منه شيئًا سَواءٌ اعتَرَفت الابنَتانِ بفَقدِه أو ادَّعتا مَوتَه.
وإن كانَ المالُ في يدِ ابنِ المَفقودِ لَم يُعطَ الابنَتانِ إلا النِّصفَ أقلَّ ما يَكونُ لهما، وإنْ كانَ المالُ في يدِ أَجنبيٍّ فأقَرَّ بأنَّ الابنَ مَفقودٌ وُقفَ له النِّصفِ في يدِيه، وإنْ قالَ الأَجنبيُّ:«قد ماتَ المَفقودُ» لزِمَه دَفعُ الثُّلثينِ إلى البِنتَينِ ويُوقفُ الثُّلثُ إلا أنْ يُقرَّ ابنُ الابنِ بمَوتِ أبِيه فيُدفعُ إليه الباقِي، والجُمهورُ على القولِ الأولِ (١).