وإنْ عُلمَ أنَّه كانَ مَيتًا حينَ مَوتِ مَوروثِه رُدَّ المَوقوفُ إلى وَرثةِ الأَولِ، وإنْ مضَت المُدةُ ولَم يُعلَمْ خبَرُه رُدَّ أيضًا إلى وَرثةِ الأَولِ؛ لأنَّه مَشكوكٌ في حَياتِه حينَ مَوتِ مَوروثِه، فلا نُورِّثُه معَ الشكِّ كالجَنينِ الذي يَسقُطُ مَيتًا.
وكذلك إنْ علِمْنا أنَّه ماتَ ولَم يُدرَ متى ماتَ ولَم يُفرِّقْ سائرُ أهلِ العلمِ بينَ هذه الصُّورةِ وبينَ سائر صُورِ الفُقدانِ فيما علِمْنا إلا أنَّ مالكًا والشافِعيَّ ﵄ في القَديمِ وافَقا في الزَّوجةِ أنَّها تَتزوجُ خاصَّةً، والأَظهرُ مِنْ مَذهبِه مثلُ قولِ الباقِينَ، فأمَّا مالُه فاتَّفَقوا على أنَّه لا يُقسَمُ حتى تَمضِيَ مُدةٌ لا يَعيشُ في مثلِها على ما سنَذكرُه في الصُّورةِ الأُخرَى إنْ شاءَ اللهُ تَعالى؛ لأنَّه مَفقودٌ لا يَتحقَّقُ مَوتُه فأشبَه التاجِرَ والسائِحَ.
ولنا: اتِّفاقُ الصَّحابةِ ﵃ على تَزويجِ امرَأتِه على ما ذكَرْناه في العِدَدِ، وإذا ثبَتَ ذلك في النِّكاحِ معَ الاحتِياطِ للأَبضاعِ ففي المالِ أَولَى.
ولأنَّ الظاهرَ هَلاكُه فأَشبهَ ما لَو مضَت مُدةٌ لا يَعيشُ في مثلِها.
النوعُ الثانِي: مَنْ ليسَ الغالبُ هَلاكُه كالمُسافرِ لتِجارةٍ أو طَلبِ عِلمٍ أو سِياحةٍ ونحوِ ذلك ولَم يُعلَمْ خبَرُه، ففيه رِوايتانِ:
إِحداهُما: لا يُقسَمُ مالُه ولا تَتزَوجُ امرَأتُه حتى يُتيَقنَ مَوتُه أو يَمضي عليه مُدةٌ لا يَعيشُ في مثلِها، وذلك مَردودٌ إلى اجتِهادِ الحاكمِ، وهذا قولُ الشافِعيِّ ﵁ ومَحمدِ بنِ الحَسنِ، وهو المَشهورُ عن مالكٍ وأَبي حَنيفةَ وأَبي يُوسفَ؛ لأنَّ الأَصلَ حَياتُه، والتَّقديرُ لا يُصارُ إليه إلا بتَوقيفٍ، ولا تَوقيفَ هاهنا فوجَبَ التَّوقفُ عنه.