للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو ما لا يُمكنُ أنْ يُنقَصَ عنه مِنْ حَياة المَفقودِ أو مَوتِه، ووُقفَ الباقِي حتى يَتيَقنَ أمرُه أو تَمضِيَ مَدةُ الانتِظارِ؛ لأنَّه مالٌ لا يُعلَمُ الآنَ مُستَحقُّه أَشبهَ الذي يُنْقَصُ نَصيبُه بالحَملِ (١).

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : فَصلٌ في مِيراثِ المَفقودِ وهو نَوعانِ:

أحدُهما: الغالبُ مِنْ حالِه الهَلاكُ، وهو مَنْ يُفقَدُ في مَهلَكةٍ كالذي يُفقدُ بينَ الصَّفينِ وقد هلَكَ جَماعةٌ، أو في مَركبٍ انكَسرَ فغرِقَ بعضُ أَهلِه، أو في مَفازَةٍ يَهلَكُ فيها الناسُ، أو يُفقَدُ مِنْ بينِ أَهلِه، أو يَخرُجُ لصَلاةِ العِشاءِ أو غيرِها مِنْ الصَّلواتِ أو لحاجةٍ قَريبةٍ فلا يَرجِعُ ولا يُعلَمُ خبَرُه، فهذا يُنتَظرُ به أَربعُ سِنينَ، فإنْ لَم يَظهَرْ له خبَرٌ قُسمَ مالُه واعتَدَّت امرَأتُه عِدةَ الوَفاةِ وحلَّتْ للأَزواجِ، نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، وهذا اختِيارُ أَبي بكرٍ، وذكَرَ القاضِي أنَّه لا يُقسَمُ مالُه حتى تَمضِيَ عِدةُ الوفاةِ بعدَ الأَربعِ سِنينَ؛ لأنَّه الوقتُ الذي يُباحُ لامرَأتِه التَّزوجُ فيه، والأولُ أَصحُّ؛ لأنَّ العِدةَ إنَّما تَكونُ بعدَ الوَفاةِ فإذا حُكمَ بوَفاتِه فلا وَجهَ للوُقوفِ عن قَسمِ مالِه.

وإن ماتَ للمَفقودِ مَنْ يَرثُه قبلَ الحُكمِ بوَفاتِه وُقفَ للمَفقودِ نَصيبُه مِنْ مِيراثِه وما يُشكُّ في مُستَحقِّه وقُسمَ باقِيه، فإنْ بانَ حيًّا أخَذَه ورُدَّ الفَضلُ إلى أَهلِه، وإنْ عُلمَ أنَّه ماتَ بعدَ مَوتِ مَوروثِه دُفعَ نَصيبُه معَ مالِه إلى وَرثتِه،


(١) «المغني» (٦/ ٢٦٣، ٢٦٤)، و «الكافي» (٢/ ٥٦٦)، و «الفروع» (٥/ ٢٥)، و «المبدع» (٦/ ٢١٥)، و «الإنصاف» (٧/ ٣٣٥)، و «كشاف القناع» (٤/ ٥٥٩، ٥٦٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٤٤٩، ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>