للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُهلِكةٍ، كمَفازةِ الحِجازِ أو فُقدَ بينَ الصَّفينِ حالَ التِحامِ القِتالِ، انتُظرَ تَمامَ أَربعِ سِنينَ منذُ فُقدَ؛ لأنَّها مُدةٌ يَتكرَّرُ فيها تَردُّدُ المُسافِرينَ والتُّجارِ، فانقِطاعُ خبَرِه عن أَهلِه معَ غَيبتِه على هذا الوَجهِ يُغلِّبُ ظنَّ الهَلاكِ؛ إذ لَو كانَ باقيًا لَم يَنقطِعْ خبَرُه إلى هذه الغايةِ؛ فلذلك حُكمَ بمَوتِه في الظاهرِ.

وعنه: يُنتَظرُ به أَربعُ سِنينَ وزِيادةً أَربعةُ أَشهرٍ وعَشرٌ.

فإنْ لَم يُعلَمْ خبَرُه بعدَ الأَربعِ سِنينَ قُسمَ مالُه بينَ وَرثتِه ويُزكَّى مالُه لِما مضى قبلَ قَسمِه؛ لأنَّ الزَّكاةَ حقٌ واجبٌ في المالِ، فيَلزَمُ أَداؤُها.

ولا يَرثُ المَفقودَ إلا الأَحياءُ مِنْ وَرثتِه وقتَ قَسمِ مالِه بعدَ الأَربعِ سِنينَ؛ لأنَّ مِنْ شُروطِ الإِرثِ تَحقُّقُ حَياةِ الوارثِ عندَ مَوتِ المَوروثِ، وهذا الوقتُ بمَنزِلةِ وقتِ مَوتِه. واعتَدَّت امرَأتُه عِدةَ الوَفاةِ وحلَّتْ للأَزواجِ لاتِّفاقِ الصَّحابةِ على ذلك.

ولا يَرثُ مِنْ المَفقودِ مَنْ ماتَ مِنْ وَرثتِه قبلَ الوقتِ الذي يُقسَمُ مالَه فيه؛ لأنَّه بمَنزِلةِ مَنْ ماتَ في حَياتِه؛ لأنَّها الأصلُ.

فإن قدِمَ المَفقودُ بعدَ قَسمِ المالِ أخَذَ ما وجَدَه مِنْ المالِ بعَينِه بيدِ الوارثِ أو غيرِه؛ لأنَّه قد تَبيَّنَ عَدمُ انتِقالِ مِلكِه عنه ورجَعَ على مَنْ أخَذَ الباقِي بعدَ المَوجودِ بمِثلِ مِثلِيٍّ وقَيمةِ مُتقوِّمٍ؛ لتَعذُّرِ ردِّه بعَينِه.

وإن ماتَ مَوروثُه أيْ: مَنْ يَرثُه المَفقودُ في مُدةِ التَّربصِ وهي المُدةُ التي قُلنا، يُنتَظرُ به فيها أخَذَ كلُّ وارثٍ غيرَ المَفقودِ مِنْ تَركةِ المُتوفَّى اليَقينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>