للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ ماتَ مَنْ يَرثُ منه المَفقودُ قُدِّرَ المَفقودُ حيًّا بالنِّسبةِ لإِرثِ بَقيةِ الوَرثةِ فتُمنعُ الأُختُ مِنْ الإِرثِ وتُنقَصُ الأمُّ.

قُدِّرَ أيضًا مَيتًا فلا تُمنَعُ الأُختُ وتُزادُ الأمُّ ويُنقَصُ الزَّوجُ للعَولِ وأُعطيَ الوارثُ غيرَ المَفقودِ أقلَّ نَصيبِه.

ووُقفَ المَشكوكُ فيه وهو نَصيبُ المَفقودِ وما اختُلفَ فيه حالِه-أي بحَياةِ المَفقودِ ومَوتِه- مِنْ نَصيبِ غيرِه فإنْ ثبَتَت حَياتُه أو مَوتُه ببَينةٍ فالأمرُ واضحٌ وإنْ لَم يَثبُتْ ذلك فإنْ مَضتْ مُدةُ التَّعميرِ وحكَمَ الحاكمُ بمَوتِه فحُكمُه كالمَجهولِ، فلا إِرثَ له مِنْ مورِّثه وتَرثُه أَحياءُ وَرثتِه غيرَ المَفقودِ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: مَنْ أُسرَ أو فُقدَ وانقَطعَ خبَرُه تُركَ مالُه حتى تَقومَ بَينةٌ بمَوتِه أو تَمضيَ مُدةٌ يَغلِبُ على الظنِّ أنَّه لا يَعيشُ فوقَها ولا تُقدَّرُ على الصَّحيحِ، وقيلَ: مُقدَّرةٌ بسَبعينَ سَنةً، وقيلَ: بثَمانينَ، وقيلَ: بتِسعينَ، وقيلَ: بمائةٍ وعِشرينَ؛ لأنَّها العُمرُ الطَّبيعِيُّ عندَ الأَطباءِ، فإذا مضَت المُدةُ المَذكورةُ فَيجتهِدُ القاضِي ويَحكمُ بمَوتهِ؛ لأنَّ الأصلَ بَقاءُ الحَياةِ فلا يُورَّثُ إلا بيَقينٍ، أمَّا عندَ البَينةِ فظاهرٌ، وأما عندَ مُضيِّ المُدةِ معَ الحُكمِ فلتَنزيلِه مَنزِلةَ قِيامِ البَينةِ، ثم يُعطِي مالَه مَنْ يَرثُه وقتَ إِقامةِ البَينةِ أو الحُكمِ بمَوتِه، فمَن ماتَ قبلَ ذلك ولو بلَحظةٍ لَم يَرثْ منه شيئًا؛ لجَوازِ مَوتِه فيها.


(١) «المدونة الكبرى» (٥/ ٤٥٢)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٥١٠)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٢٢٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٥٩٠، ٥٩١)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٦٢٧، ٦٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>