للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إذا وقَفَ نَصيبُه مِنْ مِيراثِ غيرِه فإنْ ظهَرَ حيًّا أخَذَ ذلك، وإنْ لَم يَظهَرْ حالُه حتى حُكمَ بمَوتِه لَم يَستحِقَّ شيئًا ممَّا وُقفَ له، بمَنزِلةِ الحَملِ إذا انفَصلَ حيًّا استَحقَّ المَيراثَ وإنِ انفَصلَ مَيتًا لَم يَستحِقَّ شيئًا، فإذا مضَت مُدةٌ يُعلَمُ أنَّه لا يَعيشُ إلى تلك المُدةِ فإنَّه يُحكَمُ بمَوتِه ويُقسَمُ مِيراثُه بيَن وَرثتِه، وإنَّما يُعتبَرُ مِنْ وَرثتِه مَنْ يَكونُ باقيًا في هذه الحالةِ، ولَا يَرثُه أحدٌ ممَّن ماتَ قبلَ هذا شيئًا؛ لأنَّه إنَّما يُحكَمُ بمَوتِه في هذه الحالةِ، وشُروطُ التَّوريثِ بَقاءُ الوارثِ حيًّا بعدَ مَوتِ المُورِّث؛ فلهذا لا يَرثُه إلا مَنْ كانَ باقيًا مِنْ وَرثتِه حينَ حُكمَ بمَوتِه (١).

وقالَ المالِكيةُ: يُوقَفُ مالُ المَفقودِ الذي لَم يُعلَمْ له مَوضعٌ ولا حَياةٌ للحُكمِ مِنْ الحاكمِ بالفِعلِ بمَوتِه بعدَ زَمنِ التَّعميرِ، وهو الزَّمنُ الذي لا يَعيشُ إلى مِثلِه غالبًا، وهل هو سَبعونَ سنةً من يَومِ وِلادتِه أو خَمسٌ وسَبعونَ أو ثَمانونَ أو مِائةٌ وقِيل: مائةٌ وعِشرونَ؟

على اختِلافٍ، ويُقدَّرُ حينَئذٍ مَيتًا ولا بدَّ مِنْ حُكمِ الحاكمِ، ولا يَكفِي مُضيُّ مُدةِ التَّعميرِ مِنْ غيرِ حُكمٍ؛ للخِلافِ فيها، حتى إنَّ مَنْ ماتَ مِنْ وَرثةِ المَفقودِ بعدَ مُضيِّها وقبلَ الحُكمِ فلا شيءَ له مِنْ مالِ المَفقودِ ما لَم يَثبُتْ مَوتُه ببَينةٍ أو يَمضِي له مِنْ الزَّمانِ مائةٌ وعِشرونَ سَنةً مِنْ وَلادتِه وإلا وُرثَ مالُه ولا يُحتاجُ لحُكمِ حاكمٍ.


(١) «المبسوط» (٣٠/ ٥٤، ٥٥)، و «فتاوى السغدي» (٢/ ٨٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>