للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطعًا أنَّه لا يَجوزُ أن يَعيشَ بعدَها، فيُحكَمُ حينَئذٍ بمَوتِه، مِنْ غيرِ أنْ يَتقدَّرَ ذلك بزَمانٍ مَحصورٍ، وذلك مَردودٌ إلى اجتِهادِ الحاكمِ؛ لأنَّ الأصلَ حَياتُه.

وفي رِوايةٍ عندَهم جَميعًا: يُوقَفُ تَمامَ مائةٍ وعِشرينَ سنةً معَ سَنةِ يومَ فُقدَ؛ لأنَّه أَكثَرُ ما يَبلُغُه أهلُ هذا الزَّمانِ مِنْ العُمرِ.

ولكلِّ مَذهبٍ تَفصيلٌ في هذا، بَيانُه فيما يَلي:

قالَ الحَنفيةُ: المَفقودُ مُتردِّدُ الحالِ بينَ الحَياةِ والمَوتِ كالجَنينِ في البَطنِ، ثم الأصلُ فيه أنَّ المَفقودَ يُجعَلُ حيًّا في مالِه مَيتًا في مالِ غيرِه حتى لا يُورَّثَ عنه مالُه ولا يُقسَمَ بينَ وَرثتِه ما لَم يُعلَمْ مَوتُه، ولا يُعطَى له مِيراثُ أَحدٍ مِنْ قَرابتِه إذا ماتَ قبلَ أنْ يَتبَينَ حالُه، ولكنْ يُوقَفُ نَصيبُ المَفقودِ كما يُوقَفُ نَصيبُ الحَملِ؛ لأنَّ حَياتَه كانَت مَعلومةً وما عُلمَ ثُبوتُه فالأصلُ بَقاؤُه إلا أنَّ الحُكمَ بحَياتِه باعتِبارِ استِصحابِ الحالِ فهو حُجةٌ في إِبقاءِ ما كانَ على ما كانَ، وليسَ بحُجةٍ في إِثباتِ ما لَم يَكنْ ثابتًا؛ لأنَّ ثُبوتَه لانعِدامِ الدَّليلِ المُزيلِ لا لوُجودِ الدَّليلِ المَنفيِّ فنَقولُ في مالِ نَفسِه: يُجعَلُ حيًّا لإِبقاءِ ما كانَ على ما كانَ، وفي مالِ غيرِه: لا تَثبُتُ حَياتُه؛ لأنَّ الحاجةَ إلى استِحقاقِ المِيراثِ لدَفعِ استِصحابِ الحالِ لا يَكفِي لذلك.

ثم اختَلفَت الرِّواياتُ أنَّه متى يُحكَمُ بمَوتِه فعلى ظاهرِ الرِّوايةِ قالَ: إذا لَم يَبقَ أَحدٌ مِنْ أَقرانِه.

وفي رِوايةِ الحَسنِ عن أَبي حَنيفةَ: إذا مَضى مِنْ مَولدِه مِائةٌ وعِشرونَ سنةً.

وفي رِوايةٍ أُخرَى: مِائةُ سَنةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>