يَكونُ إذا كانَت الجَهالةُ في إِحدَى الجانِبينِ، أمَّا في جانِبِ المَقضيِّ له أو في جانِبِ المَقضيِّ عليه، فأمَّا عندَ وُقوعِ الجَهالةِ فيهما لا يَجوزُ القَضاءُ أصلًا ثم يُجعلُ كأنَّهما ماتا جَميعًا؛ لأنَّ إِسنادَ مَوتِ كلِّ واحدٍ منهما إلى الوَقتِ الذي يُمكنُ إِضافةُ مَوتِ الآخرِ إليه، ولا وَجهَ لإِثباتِ تاريخٍ بينَ المُورِّثينَ من غيرِ دَليلٍ، وكذلك إذا عُلمَ أنَّ أَحدَهما ماتَ أولًا ولا يُدرَى أيُّهما لتَحقُّقِ التَّعارُضِ بينَهما فيُجعَلُ كأنَّهما ماتا معًا (١).
وذهَبَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه إذا ماتَ مُتوارِثانِ بغَرقٍ أو هَدمٍ بأنِ انهَدمَ عليهما بَيتٌ ونحوُه أو غيرُ ذلك كطاعونٍ وجُهلَ أولُهما مَوتًا أو عُلمَ أولُهما مَوتًا ثم نُسيَ أو جهِلُوا عينَه بأنْ عُلمَ السَّبقُ وجُهلَ السابقُ، أو جُهلَ الحالُ ولَم يَختلِفوا في السابقِ بأنْ لَم يَدَّعِ وَرثةُ كلٍّ سَبقَ مَوتِ الآخَرِ، ورِثَ كلُّ واحدٍ مِنْ المَوتى صاحبَه، هذا قولُ عُمرَ وعليٍّ، قالَ الشَّعبيُّ: وقَعَ الطاعونُ بالشامِ عامَ عِمْواسَ فجعَلَ أَهلُ البَيتِ يَموتونَ عن آخرِهم، فكُتبَ في ذلك إلى عُمرَ، فأمَرَ عُمرُ: أنْ ورِّثوا بعضَهم مِنْ بعضٍ. قالَ أَحمدُ: أَذهبُ إلى قولِ عُمرَ.
(١) «المبسوط» (٣٠/ ٢٧، ٢٩)، ويُنظَر: «مختصر اختلاف العلماء» (٤/ ٤٥٤، ٤٥٥)، و «شرح مختصر الطحاوي» للجصاص (٤/ ٧٩)، و «الاختيار» (٥/ ١٣٥، ١٣٦)، و «عيون المسائل» للقاضي عبد الوهاب المالكي ص (٦٢٨، ٦٢٩)، و «التلقين» (٢/ ٥٥٩)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٥١٠)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٢٢٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٥٨٩)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٦٢٦، ٦٢٧)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٨٧، ٨٨).