للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُويَ عن إِياسٍ المُزنِيِّ: أنَّ النَّبيَّ سُئلَ عن قومٍ وقَعَ عليهم بَيتٌ؟ فقالَ: «يَرثُ بعضُهم بعضًا».

فيَرثُ كلُّ واحدٍ مِنْ تِلادِ مالِه -والتِّلادُ بكَسرِ التاءِ: القَديمُ ضدُّ الطارِئِ وهو الحادثُ- أيِ الذي ماتَ وهو يَملِكُه دونَ ما ورِثَه مِنْ المَيتِ معَه؛ لئلَّا يَدخُلَه الدَّورُ فيُقدَّرُ أحدُهما ماتَ أولًا، فيُورَّثُ الآخرُ منه، ثم يُقسَمُ ما ورِثَه منه على الأَحياءِ من وَرثتِه، ثم يُصنَعُ بالثانِي كذلك، فإذا غرِقَ أَخوانِ ولَم يُعلَمِ الحالُ أَحدُهما مَولَى زَيدٍ، والآخرُ مَولَى عَمرٍو، صارَ مالُ كلِّ واحدٍ منهما لمَولَى الآخَرِ.

وإن جُهلَ السابقُ منهما واختَلفَ وَرثتُهما فيه بأنِ ادَّعى كلٌّ تَأخُّرَ مَوتِ مُورِّثِه ولا بَينةَ لأَحدِهما أو كانَت لهما بَينَتانِ وتَعارضَت البَينَتانِ تَحالَفا، أي حلَفَ كلٌّ منهما على ما أنكَرَ مِنْ دَعوَى صاحبِه؛ لعُمومِ حَديثِ «البَينةُ على المُدعِي واليَمينُ على مَنْ أنكَرَ» ولَم يَتوارَثا؛ لعَدمِ وُجودِ شَرطِه، وهو تَحقُّقُ حَياةِ الوارثِ بعدَ مَوتِ المُورِّثِ، وإنَّما خُولفَ فيما سبَقَ لِما تقَدمَ.

كما إذا ماتَت امرَأةٌ وابنُها فقالَ زَوجُها: ماتَت فورِثْناها، ثم ماتَ ابنِي فورِثْتُه وقالَ أَخوها: بل ماتَ ابنُها فورِثَتْه أي ورِثَتْ منه ثم ماتَتْ بعدَه فورِثْنَاها أي ورِثَها أَخوها المُدعِي وزَوجُها، حلَفَ كلُّ واحدٍ منهما على إِبطالِ دَعوَى صاحبِه؛ لأنَّه يُنكِرُها، وكانَ مِيراثُ الابنِ لأبِيه عَملًا باليَقينِ، وكانَ مِيراثُ المَرأةِ لأخِيها وزَوجِها نِصفَينِ، للزَّوجِ نِصفُه فَرضًا، والباقِي لأخِيها تَعصيبًا وإنْ لَم يَقعْ تَداعٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>