للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتَجَّ الجُمهورُ على ذلك بما يَلي:

بقولِه تَعالَى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾ [النساء: ٧] وبقولِه تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ [النساء: ٦] والجدُّ والإِخوةُ يَدخُلونَ في عُمومِ الآيَتين فلَم يَجزْ أنْ يَخصَّ الجدَّ بالمالِ دونَ الإِخوةِ.

وبقولِ النَّبيِ : «وما بقِي فهو لأَولَى رَجلٍ ذَكرٍ» فقَالوا: الأخُ أَولى؛ لأنَّه أَقربُ إلى المَيتِ، بدَليلِ أنَّه يَنفردُ بالوَلاءِ لقُربِه، وأيضًا فإنَّ الأخَ يَقولُ: أنا أَقوَى مِنْ الجدِّ؛ لأنِّي أَقومُ مَقامَ الوَلدِ في حَجبِ الأمِّ مِنْ الثُّلثِ إلى السُّدسِ، وليسَ كذلك الجدُّ فوجَبَ ألَّا يَحجُبَني كما لا يَحجُبُ الوَلدَ، والجدُّ إنَّما يُدلِي بالمَيتِ وهو أَبو أبِيه، والأخُ يُدلِي بالمَيتِ وهو ابنُ أبِيه، والابنُ مِنْ جِهةِ المَواريثِ أَقوَى مِنْ الأبِ؛ لأنَّ الابنَ يَنفردُ بالمالِ ويَردُّه إلى السُّدسِ، والأبُ لا يَفعلُ ذلك بالابنِ، فكانَ مَنْ أَدلَى بالأَقوَى أَولى ممَّن أَدلَى بالأَضعفِ.

ولأنَّ الأخَ ذَكرٌ يُعصِّبُ أختَه فلَم يُسقِطْه الجدُّ كالبِنتِ، ولأنَّ تَعصيبَ الأخِ أَقوَى مِنْ تَعصيبِ الجدِّ؛ لأنَّه تَعصيبُ بُنوةٍ، وتَعصيبُ الجدِّ تَعصيبُ أُبوةٍ، ولأنَّه يُعصِّبُ أختَه بخِلافِ الجدِّ، فامتَنعَ معَ قُوةِ تَعصيبِه عليه أنْ يَسقُطَ به، ولأنَّ الأُختَ أُنثَى فَرضُها النِّصفُ، إذا انفَردَت لَم يُسقِطْها الجدُّ كالابنةِ، ولأنَّ الأخَ والجدَّ يُدلِيانِ بشَخصٍ وهو الأبُ، فلَم يَحجُبْ أَحدُهما الآخَرَ كابنَيِ الابنِ والأَخوَينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>